فهم مسؤولون عن حث الآخرين لأداء وظائفهم أيضا، لأن الاختلاف والتشتت في قضايا المجتمع يؤدي إلى انهياره، ويتضرر بذلك الجميع، فلا يصح أن يقول أحد بأنني أؤدي رسالتي الاجتماعية ولا علاقة لي بالآثار السلبية الناجمة عن عدم أداء الآخرين لواجباتهم، لأن آثار القضايا الاجتماعية ليست فردية ولا شخصية.
وهذا الموضوع يشبه تماما ما لو احتجنا لصد هجوم الأعداء إلى مئة ألف مقاتل، فإذا قام خمسون ألف مقاتل بأداء وظائفهم فمن اليقين أنهم سيخسرون عند منازلتهم العدو، وهذا الإنكسار سيشمل الذين أدوا وظائفهم والذين تقاعسوا عن أدائها وهذه هي خصوصية المسائل الاجتماعية.
ويمكن إيضاح هذه الحقيقة بصورة أجلى وهي: أن الأخيار من أبناء المجتمع مسؤولون في التصدي للأشرار لأنهم لو اختاروا السكوت فسيشاركون أولئك مصيرهم عند الله كما ورد ذلك في حديث مشهور عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث قال: (إن الله عز وجل لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكرون، فإذا فعلوا ذلك عذب الله الخاصة والعامة) (1).
ويتضح مما قلناه أن هذا الحكم يصدق في مجال الجزاء الإلهي في الدنيا والآخرة، وكذلك في مجال النتائج وآثار الأعمال الجماعية (2).
وتختتم الآية بلغة التهديد فتقول: واعلموا أن الله شديد العقاب لئلا يصاب هؤلاء بالغفلة بسبب الألطاف والرحمة الإلهية وينسوا شدة الجزاء الإلهي، فتأكلهم الفتن وتحيط بهم من كل جانب، كما أحاطت المجتمع الإسلامي،