ربنا هؤلاء أضلونا فأتهم عذابا ضعفا من النار.
ولا شك أن هذا الطلب منطقي ومعقول جدا، بل إن المضلين سينالون ضعفا من العذاب حتى من دون هذا الطلب، لأنهم يتحملون مسؤولية انحراف من أضلوا أيضا دون أن ينقص من عذابهم شئ، ولكن العجيب هو أن يقال لهم في معرض الإجابة على طلبهم: سيكون لكلتا الطائفتين ضعفان من العذاب وليس للمضلين فقط قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون.
ومع الإمعان والدقة يتضح لماذا ينال المخدوعون المضللون ضعفا من العذاب أيضا، لأنه لا يستطيع أئمة الظلم والجور ورؤوس الانحراف والضلال أن ينفذوا لوحدهم برامجهم، بل هؤلاء الأتباع المعاندون المتعصبون لأسيادهم هم الذين يمدون قادة الضلال ورؤوس الانحراف بالقوة والمدد الذي يوصلهم إلى أهدافهم الشريرة، وعلى هذا الأتباع يجب أن ينالوا ضعفا من العذاب أيضا، عذابا لضلالهم هم، وعذابا لمساعدتهم للظالمين وإعانتهم قادة الانحراف.
ولهذا نقرأ في حديث معروف عن الإمام الكاظم (عليه السلام) حول أحد شيعته يدعى صفوان، حيث نهاه عن التعاون مع هارون الرشيد قائلا: " يا صفوان كل شئ منك حسن جميل ما خلا شيئا واحدا ".
قلت: جعلت فداك أي شئ؟
قال (عليه السلام): إكراؤك جمالك من هذا الرجل (هارون الرشيد العباسي).
قلت: والله ما أكريته أشرا ولا بطرا ولا للصيد ولا للهو، ولكني أكريته لهذا الطريق (يعني طريق مكة)...
فقال لي (عليه السلام): يا صفوان أيقع كراؤك عليهم؟ قلت: نعم جعلت فداك.
فقال لي: أتحب بقاءهم حتى يخرج كراؤك. قلت: نعم.