القرآن يستغل كل فرصة لقطع جذوره الخبيثة... وأفانينه التي تهدد المجتمع الإنساني.
فتقول الآية الأولى من هاتين الآيتين: إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم.
فبناء على ذلك لا معنى لأن يسجد الإنسان لشئ مثله، وأن يمد يد الضراعة والحاجة إليه، وأن يجعل مقدراته ومصيره تحت يده!
وبتعبير آخر: إن مفهوم هذه الآية هو أنكم - أيها المشركون - لو أنعمتم النظر لرأيتم معبوداتكم ذات أجسام وأسيرة المكان والزمان، وتحكمها قوانين الطبيعة، وهي محدودة من حيث الحياة والعمر والإمكانات الأخرى. وخلاصة الأمر: ليس لها امتياز عليكم، وإنما جعلتم لها امتيازا عليكم بتصوراتكم وتخيلاتكم!
ثم إن كلمة " عباد " جمع " عبد " ويطلق هذا اللفظ على الموجود الحي، مع أن الآية استعملته في الأصنام، فكانت لذلك تفاسير متعددة...
التفسير الأول: أنه من المحتمل أن تشير الآية إلى المعبودين من جنس الإنسان أو المخلوقات الأخرى، كالمسيح إذ عبده النصارى، والملائكة إذ عبدتها جماعة من المشركين العرب.
والتفسير الثاني: أن الآية تنزلت وحكت ما توهمه المشركين في الأصنام بأن لها القدرة، فكانوا يكلمونها ويتضرعون إليها، فالآية - محل البحث - تخاطبهم بأنه على فرض أن للأصنام عقلا وشعورا، فهي لا تعدو أن تكون عبادا أمثالكم.
التفسير الثالث: أن العبد في اللغة يطلق أحيانا على الموجود الذي يرزح تحت نيز الآخر ويخضع له، حتى لو لم يكن له عقل وشعور، ومن هذا القبيل أن العرب يطلقون على الطريق المطرق بالذهاب والإياب أنه " معبد ".