وفي الجواب على مثل هذه الأسئلة نقول:
يوجد طريقان لتفسير الآيتين هاتين " وما بعدهما "، ولعل جميع ما قاله المفسرون على اختلاف آرائهم يرجع إلى هذين الطريقين...
الأول: إن المراد من نفس " واحدة ". هو الواحد الشخصي كما ورد هذا المعنى في آيات أخرى من القرآن أيضا، ومنها أول آية من سورة النساء.
والتعبير بالنفس الواحدة - أساسا - جاء في خمسة مواطن في القرآن المجيد، واحدة منها في الآية - محل البحث - والأربعة الأخرى هي في سورة النساء (الآية الأولى) وسورة الأنعام، الآية (98)، وسورة لقمان، الآية (28)، وسورة الزمر، الآية (6)، وبعض هذه الآيات لا علاقة لها ببحثنا هذا، وبعضها يشبه الآية محل البحث. فبناء على ذلك فالآيات - محل البحث - تشير إلى آدم وزوجه حواء فحسب!
وعلى هذا فالمراد بالشرك ليس هو عبادة غير الله أو الاعتقاد بألوهية غيره، بل لعل المراد شئ آخر من قبيل ميل الإنسان لطفله، الميل الذي ربما يجعله غافلا عن الله أحيانا.
والتفسير الثاني: هو أن المراد من النفس الواحدة هو الواحد النوعي، أي أن الله خلقكم جميعا من نوع واحد كما خلق أزواجكم من جنسكم أيضا.
وبذلك فإن الآيتين وما بعدهما من الآيات - محل البحث - تشير إلى نوع الناس، فهم يدعون الله وينتظرون الوالد الصالح في كمال الإخلاص لله والانقطاع إليه، كمن يحدق بهم الخطر فيلتجأوا إلى الله، ويعاهدون الله على شكره بعد حل معضلاتهم. ولكن عندما يرزقهم الله الولد الصالح، أو يحل مشاكلهم ينسون جميع عهودهم فإن كان الولد جميلا قالوا: إنه اكتسب جماله من أبيه أو أمه، وهذا هو قانون الوراثة. وتارة يقولون: إن غذاؤه والظروف الصحية تسببت في نموه وسلامته. وتارة يعتقدون بتأثير الأصنام ويقولون: إن ولدنا كان من بركة الأصنام