ويحتمل أيضا في تفسير جملة إنهم أناس يتطهرون أن قوم لوط كانوا يريدون بهذه العبارة أن يتهموا ذلك النبي العظيم وأتباعه الأتقياء بالرياء والتظاهر بالتطهر، كما سمعنا وقرأنا في الأشعار كثيرا حيث يتهم الخمارون الأشخاص الطيبين النزيهين بالرياء والتظاهر، ويعتبرون (خرفتهم الملوثة بالخمر) أفضل من (سجادة الزاهد) وهذا نوع من التزكية الكاذبة للنفس التي يتذرع بها هؤلاء العصاة الأشقياء.
مع ملاحظة كل ما قيل في الآيات الثلاثة أعلاه، يستطيع كل قاض منصف أن يصدر حكمه بحق مثل هذه الجماعات والأقوام الذين يتوسلون - في مقابل إصلاح المصلحين ونصيحة الناصحين، ودعوة نبي إلهي عظيم - بالتهديد والإتهام، ولا يعرفون إلا لغة القوة والقهر، ولهذا قال الله تعالى في الآية اللاحقة:
فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين (1) أي لما بلغ الأمر إلى هذا الحد أنجينا لوطا وأتباعه الواقعين وأهله الطيبين، إلا زوجته التي كانت على عقيدة قومه المنحرفين فتركناها.
قال البعض: إن كلمة " أهل " وإن كان المتعارف إطلاقها على العائلة، ولكن في الآية الحاضرة استعملت في الأتباع الصادقين - أيضا - يعني أنهم كانوا معدودين جزءا من أهله وعائلته أيضا، ولكن يستفاد من الآية (36) من سورة الذاريات أنه لم يؤمن بلوط ودعوته أحد من قومه قط إلا عائلته وأقرباؤه، وعلى هذا الأساس يكون لفظ الأهل هنا مستعملا في معناه الأصلي، أي أقرباؤه.
من الآية (10) من سورة التحريم إجمالا أن زوجة لوط كانت في البداية امرأة صالحة، ولكنها سلكت سبيل الخيانة فيما بعد، وجرأت أعداء لوط عليه.
وفي آخر آية من الآيات إشارة قصيرة جدا - ولكن ذات مغزى ومعنى