وفي آخر آية من الآيات المبحوثة يقول: فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين أي بعد هذه القضية تولى صالح وهو يقول: لقد أديت رسالتي إليكم، ونصحت لكم ولكنكم لا تحبون من ينصحكم.
وهنا يطرح سؤال آخر، وهو: هل كلام صالح هذا كان بعد هلاك المتمردين من قومه، أو أن هذا الكلام هو الحوار الأخير الذي جرى بينه وبين قومه قبيل هلاك القوم وموتهم، أي بعد إتمام الحجة عليهم... ولكن ذكر في عبارة القرآن بعد قضية هلاكهم وموتهم بالرجفة؟
هناك احتمالان: والحقيقة أن الاحتمال الثاني أنسب مع ظاهر الخطاب، لأن الحديث مع قوم ثمود يفيد أنهم كانوا أحياء. ولكن الاحتمال الأول هو أيضا غير بعيد، لأنه كثيرا ما تتم محادثة أرواح الموتى بمثل هذا الكلام ليعتبر الباقون الحاضرون، تماما كما نقرأ نظير ذلك في تاريخ الإمام علي (عليه السلام) فإنه (عليه السلام) وقف - بعد معركة الجمل - عند جسد طلحة وقال: " ويل أمك، طلحة! لقد كان لك قدم لو نفعك، ولكن الشيطان أضلك فأزلك، فعجلك إلى النار ". (1) كما نقرأ - أيضا - في أواخر نهج البلاغة أن الإمام عليا (عليه السلام) عندما عاد من معركة صفين وقف عند مدخل الكوفة والتفت إلى مقابر الموتى، فسلم على أرواح الماضين أولا، ثم قال: " أنتم السابقون ونحن اللاحقون ".
* * *