الكفر والنفاق، وإليك يا رب المشتكى.
وقد حكي عن بعض أهل السير: أن الحمد على ثلاثة أوجه: أولها إذا أعطاك الله شيئا تعرف من أعطاك، والثاني أن ترضى بما أعطاك، والثالث ألا تعصيه ما دامت قوته في جسدك.
وعن السقطي في ذكر أن للحمد موضعا خاصا، وإلا لم يحصل المقصود، أنه قيل له: كيف يجب الإتيان بالطاعة؟ قال: أنا منذ ثلاثين سنة أستغفر الله عن قولي مرة واحدة: الحمد لله، فقيل كيف ذلك؟ قال وقع حريق في بغداد، واحترقت الدكاكين والدور، فأخبروني: أن دكاني لم يحترق، فقلت: الحمد لله، وكان معناه أني فرحت ببقاء دكاني حال احتراق دكاكين الناس، وكان حق الدين ولمروة أن لا أفرح بذلك (1). انتهى.
ولست أبحث عن صحة هذه المقالة وعدمها، ولكن أجد في نفسي أن الإنسان ذو نفس خداعة مكارة دقيقة رفيقة مع الشيطان الرجيم، وتكون غاية همها سوق الإنسان إلى ذلك الرفيق الخبيث، فكثيرا ما يشهد الإنسان مأدبة جامعة لشتات الأغذية، فيأكل ولا يذكر الله تعالى حتى مرة واحدة، وإذا اتفق له في يوم ما لا يرضي به شهوته وطمعه لقلته ورداءته، يذكر الله تعالى على هذه المائدة، ويحمده كثيرا، غافلا عن أن هذا التحميد والشكر مشتمل على نوع من الكفر والإلحاد وعدم الرضا بما أعطاه الله تبارك وتعالى، ويريد أن يطفئ نار غضبه الباطني بالحمد اللساني، فنعوذ به