الثمانين سنة (أيام عدد أيام الدنيا) لعله أراد عدد أيام خلق أصول الدنيا، المفهوم من قوله سبحانه وتعالى (الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام) وستة أيام عدد أيام الدنيا باعتبار ما مضى بالنسبة إلى القائل، وإلا فقد ثبت أن عمر الدنيا سبعة أيام كل يوم ألف سنة، وإن آخر من يخرج من الناس من عصاة المؤمنين، من لبث فيها سبعة آلاف سنة، عمر الدنيا، ومع هذا قلنا: فلابد من اعتبار كسر فيها، فأنا نحن الآن في سنة اثني عشر بعد الألف الذي هو السابع، نعم يتجاوز عن خمسمائة، وإلا فلزم أن يكون ثمانية آلاف كما حققه شيخ مشايخنا السيوطي في رسالته الكشف في مجاوزة هذه الأمة من الألف، وخلاصته، أنه أراد الحقب ثمانون سنة، وكل سنة اثنتي عشر شهرا وكل شهر ثلاثون يوما، وكل يوم ألف سنة.
وروى ذلك عن علي رضي الله تعالى عنه، كما في تفسير البغوي، لكن لا يخفى أنه لا يندفع به الاشكال الوارد بحسب الظاهر لمتبادر في قوله سبحانه (إن جهنم كانت مرصادا للطاغين مآبا. لابثين فيها أحقابا) فإن قد يتوهم منه انقطاع العذاب بعد لبث الأحقاب.
فالأظهر في الجواب، أن العدد لا مفهوم له، أو هو ليس ظرفا لما قبله من قوله لابثين، بل لما بعده من قوله (لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا) فيفيد أنهم بعدها يذوقون أشياء أخر، من ضريع وزقوم، وصديد ونحوها، والمراد، التكثير لا التحديد، فقد قال الحسن: إن الله تعالى لم يجعل لأهل النار مدة، بل قال: (لابثين فيها أحقابا) فوالله ما هو إلا أنه مضى حقب دخل إلى الأبد، فليس للأحقاب عدة إلا الخلود.