قال: جاء جبرائيل إلى النبي صلى الله عليه وسلم في صورة شاب) إشعارا بأن تحصيل العلوم أولى في أوان الشباب. (ولم يعرفه أحد من الأصحاب) كما ورد لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد (عليه ثياب بيض) بالإضافة، أو بدونها أي ذات إيماء إلى أن تلبس البياض يناسب أهل العلم، فإنه أنظف وأطهر، وفي النظر أنور، وفي بعض الروايات: إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر، وبهذا تبين أنه لم يكن أمردا (فقال السلام عليك يا رسول الله) في رواية مسلم خاطبه بيا محمد من دون السلام فيحمل على تعدد الواقعة، أو تكرر خطابه أو اقتصار بعض الرواة على أن الاعتماد على زيادة الثقاة (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وعليك السلام) والاقتصار عليه من باب الاكتفاء عملا لبيان أقل الجواز في الجواب.
(فقال: يا رسول الله ادنو) أي أقرب، ولا يكون تقصيرا في الأدب (فقال: ادنه) بهاء السكت أو بضمير راجعا إلى المصدر بصيغة متكلم المفهوم من الفعل أي أدن الدنو كما قيل بهما في قوله تعالى: (فبهداهم اقتده) على القراءتين فقال الفاء فصيحة أي (فدنا حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأسند ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه) أي فخذي النبي صلى الله عليه وسلم كما في رواية النسائي (فقال: يا رسول الله ما الإيمان الشرعي؟ قال: الإيمان) وهو تصديق الجنان وإقرار اللسان (بالله) أي بوجود ذاته وصفاته وشهود توحيده في مصنوعاته (وملائكته) بأنهم عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون (وكتبه) المنزلة من غير تعين عددها (ورسله) إلى أممهم وإلى أنفسهم لتكون شاملة لأنبيائه، وفي بعض الروايات الصحيحة واليوم الآخر، (والقدر خيره وشره) أي حلوه ومره.