فطلبت النعامة أي تتبعتها المعنى، فأخذت منها لحما، فأكلت وأكلوا.
والحاصل أنه يحل للمحرم أكل ما صاده حلال، أو ذبحه من غير أمر محرم به ومساعدته، ولو بدلالته وإشارته وقال مالك والشافعي: إذا صاد حلال صيدا لأجل محرم لا يحل لمحرم أكله لظاهر حديث جابر المتقدم، وأجاب الطحاوي في حديث جابر بأن معناه أو يصيد لكم بأمركم توفيقه بين الأحاديث.
قال ابن الهمام: فإن الغالب في عمل الإنسان لغيره أن يكون بطلب منه فليكن محتملة، وهذا دفعا للمعارضة إلا أن الأولى أن يستدل على أصل المطلوبة بحديث أبي قتادة على وجه المعارضة على ما في الصحيحين، فإنهم لما سألوه عليه الصلاة والسلام لم يجب بحاله حتى سألهم عن موانع الحال أكانت موجودة أم لا فقال صلى الله عليه وسلم:
" أمنكم أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها قالوا: لا قال: فكلوا إذا، فلو كان من الموانع أن يصاد لهم لنظم في سلك ما يسأل عنه منها في التفحص عن الموانع ليجيب بالحكم عند خلوه عنها " وهنا المعنى، فسرت إلى فرسي أي متوجها إليها فركبتها أو عجلت عن سوطي أي فلم آخذه من العجلة، فقلت لهم: ناولونيه أي أعطوني سوطي بيدي أي كالتصريح في نفي كون الاصطياد لهم مانع، فيعارض حديث جابر، ومقدم عليه ومقدر بما يؤول إليه لقوة ثبوته إذ هو في الصحيحين وغيرهما من الكتب الستة بخلاف ذلك، بل قيل في حديث جابر: لحم الصيد إلى آخره انقطاع، وكذا في رجاله من فيه لين.
هذا ويعارض الكل حديث الصعب بن جسامة في مسلم أنه أهدي إلى النبي صلى الله عليه وسلم لحم حمار فرده عليه، فلما رأى ما في وجهه قال: إنا لم نرده إليك إلا أنا محرم فإنه يقتضي حرمة أكل المحرم لحم الصيد مطلقا سواء صيد له أو بأمره أو لا وهو مذهب نقل عن جماعة من السلف منهم علي كرم الله وجهه، ومذهبنا مذهب عمر وأبي هريرة وطلحة بن عبيد الله وعائشة أخرج عنهم ذلك الطحاوي.