الصحابة كأبي بكر وعمر رضي الله عنهما مشتغلين بالعمل في غاية من الرعاية مشتغلين عن نقل الأحاديث والرواية، لأن العمل هو المقصود، والمعول في مقام الهداية والنهاية، وأنشد فارس بن الحسن في شعره المستحسن.
يا طالب العلم الذي ذهبت بمدته الرواية كن في الرواية ذا العناية بالدراية والرعاية وارو القليل وراعه فالعلم ليس له نهاية ومن المعلوم أن [من] لم يكن محيطا بعلم الكتاب والسنة لم يتصور أن يكون إماما مقتدى للأمة، ويكون الفقهاء كلهم عيالا له في تقويم الملة لا سيما في الصدر الأول مع وجود المجتهدين من الأئمة، وقال الطحاوي: حدثنا سليمان بن شعيب، حدثنا أبي قال: أملى علينا أبو يوسف، قال قال أبو حنيفة: لا ينبغي للرجل أن يحدث من الحديث إلا ما يحفظه من يوم سمعه إلى يوم يحدث به، وحاصله: أنه لم يجوز له الرواية بالمعنى، ولو كان مرادفا للمبنى خلافا للجمهور من المحدثين، فإنهم جوزوا رواية المعنى لا سيما عند نسيان المبنى.
فقلت رواية أبي حنيفة لهذه العلة الشريفة، وله رضي الله عنه مسانيد كثيرة وأسانيد شهيرة بلغت خمسة عشر مسندا جمعها بعض الفضلاء واعتنى بضبطها طائفة من العلماء، وأخيرها هذا المسند المعتمد الذي هو من رواية الخصكفي بفتح الخاء