لنفسه ولا لأقاربه ولم يخصص بهذا منهم بفرض ولا سهمان ولكن آثر بأوسعها وأكثرها أهل الحق والقدمة من المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون وقسم الله طوائف منها في أهل الحاجة من الأنصار وحبس رسول الله صلى الله عليه وسلم فريقا منها لنائبته وحقه وما يعروه أي يعرض له ويعتريه غير مفتقد شيئا منها ولا مستأثر به ولا مريد أن يؤتيه أحد بعده فجعله صدقة لا يورث لأحد فيه هادة في الدنيا ومحقرة لها وأثرة لما عند الله فهذا الذي لم يوجف فيه خيل ولا ركاب ومن الأنفال التي آثر الله بها رسوله ولم يجعل لأحد فيها مثل الذي جعل له من المغنم الذي فيه اختلاف من أختلف قول الله عز وجل ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كيلا يكون دولة بين الأغنياء منكم ثم قال وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب فأما قوله فلله فإن الله تبارك وتعالى غني عن الدنيا وأهلها وكل ما فيها وله ذلك كله ولكنه يقول اجعلوه في سبيله التي أمر بها وقوله وللرسول فإن الرسول لم يكن له حظ في المغنم إلا كحظ العامة من المسلمين ولكنه يقول إلى الرسول قسمته والعمل به والحكومة فيه فأما قوله ولذي القربى فقد ظن جهلة من الناس أن لذي قربى محمد صلى الله عليه وسلم سهما مفروضا من المغنم قطع عنهم ولم يؤته إياهم ولو كان كذلك لبينه كما بين فرائض المواريث في النصف والرابع والسدس والثمن ولما نقص حظهم من ذلك عناء كان عند أحدهم أو فقر كما لا يقطع ذلك حظ الورثة من سهامهم ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نفل لهم في ذلك شيئا من المغنم من العقار والسبي والمواشي والعروض والصامت ولكنه لم يكن في شئ من ذلك فرض يعلم ولا أثر يقتدى به حتى قبض الله نبيه صلى الله عليه وسلم إلا أنه قد قسم فيهم قسما يوم خيبر لم يعم بذلك يومئذ عامتهم ولم يخصص قريبا دون آخر أحوج منه لقد أعطى يومئذ من ليست له قرابة وذلك لما شكوا له من الحاجة وما كان منهم في جنبه من قومهم وما خلص إلى حلفائهم من ذلك فلم يفضلهم عليهم لقرابتهم ولو كان لذي القربى حق كما ظن أولئك لكان أخواله ذوي قربى وأخوال أبيه وجده وكل من ضربه برحم فإنها القربى كلها وكما لو كان ذلك كما ظنوا لأعطاهم إياه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما بعدما وسع الفئ وكثر
(٢٩٤)