وقد رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أدخل بني هاشم في سهم ذوي القربى جميعا وفيهم العباس بن عبد المطلب وقد كان موسرا في الجاهلية والاسلام جميعا ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تعجل منه زكاة ماله عامين فلما رأينا يساره لم يمنعه من سهم ذوي القربى وكان ذلك اليسار يمنعه من الصدقة قبل تحريم الله إياها على بني هاشم فدل ذلك أن سهم ذوي القربى لم يجعل لمن يجعل له خلفا من الصدقة التي حرمت عليه وأما الذين ذهبوا إلى أن ذوي القربى في الآيتين اللتين قدمنا في أول هذا الكتاب هم بنو هاشم وبنو المطلب خاصة فإنهم احتجوا لقولهم بما روى جبير بن مطعم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك حدثنا علي بن شيبة ومحمد بن بحر بن مطر البغداديان قالا ثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن إسحاق عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن جبير بن مطعم قال لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم ذوي القربى به أعطى بني هاشم وبني المطلب ولم يعط بني أمية شيئا فأتيت أنا وعثمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا يا رسول الله هؤلاء بنو هاشم فصلهم الله بك فما بالنا وبني المطلب وإنما نحن وهم في النسب شئ واحد فقال إن بني المطلب لم يفارقوني في الجاهلية والاسلام قالوا فلما رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عم بعطيته ما أمر أن يعطيه ذوي قرباه بني هاشم وبني المطلب وحرم من فوقهم فلم يعطه شيئا دل ذلك أن من فوقهم ليسوا من ذوي قرباه وهذا القول أيضا عندنا فاسد لأنا قد رأيناه قد حرم بني أمية وبني نوفل ولم يعطهم شيئا لأنهم ليسوا قرابة وكيف لا يكونون قرابة وموضعهم منه كموضع بني المطلب فلما كان بنو أمية وبنو نوفل لم يخرجوا من قرابة النبي صلى الله عليه وسلم بتركه إعطاءهم كان كذلك من فوقهم من سائر بطون قريش لا يخرجون من قرابته بتركه إعطاءهم وقد أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا من سهم ذوي القربى من ليس من بني هاشم ولا من بني المطلب ولكنه من قريش ممن يلقاه إلى أب هو أبعد من الأب من الذي يلقاه عنه بنو أمية وبنو نوفل وهو الزبير بن العوام حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال ثنا عبد الله بن وهب قال أخبرني سعيد بن عبد الرحمن الجمحي عن هشام بن عروة عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن جده أنه كان يقول ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر للزبير بن العوام بأربعة أسهم سهم للزبير وسهم لذي القربى لصفية بنت عبد المطلب أم الزبير وسهمين للفرس حدثنا محمد بن علي بن داود البغدادي قال ثنا سعيد بن داود الزبيري قال ثنا مالك بن أنس عن أبي الزناد عن خارجة بن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الزبير بن العوام يوم خيبر أربعة أسهم سهما له مع المسلمين وسهمين للفرس وسهما لذي القرى
(٢٨٣)