وقالوا قد يحتمل أن يكون ما كان النبي صلى الله عليه وسلم ينفله في الرجعة هو ثلث الخمس بعد الربع الذي نفله كان في البدأة فلا يخرج مما قلنا فقال لهم الآخرون إن الحديث إنما جاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينفل في البدأة الربع وفي الرجعة الثلث وكما كان الربع الذي كان ينفله في البدأة هو الربع قبل الخمس فكذلك الثلث الذي ينفله في الرجعة هو الثلث أيضا قبل الخمس وإلا لم يكن لذكر الثلث معنى قيل لهم بل له معنى صحيح وذلك أن المذكور من نفله في البدأة هو الربع مما يجوز له النفل منه فكذلك نفله في الرجعة هو الثلث مما يجوز له النفل منه وهو الخمس وقال أهل المقالة الأولى فقد روى حديث حبيب هذا بلفظ يدل على ما قلنا فذكروا ما حدثنا أبو أمية قال ثنا علي بن الجعد قال أخبرنا بن ثوبان عن أبيه عن مكحول عن زياد بن جارية عن حبيب بن مسلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينفل في البدأة الربع وفي الرجعة الثلث بعد الخمس حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عاصم عن سفيان عن يزيد بن جابر عن مكحول عن زياد بن جارية عن حبيب بن مسلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نفل الثلث بعد الخمس حدثنا فهد وعلي بن عبد الرحمن قالا ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن مكحول عن زياد بن جارية عن حبيب بن مسلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينفل في الغزو الربع بعد الخمس وينفل إذا قفل الثلث بعد الخمس قالوا فدل ما ذكرنا أن ذلك الثلث الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفل في الرجعة هو الثلث بعد الخمس قيل لهم قد يحتمل هذا أيضا ما ذكرنا واحتجوا في ذلك أيضا بما حدثنا ابن أبي داود قال ثنا ابن أبي مريم قال أخبرنا بن أبي الزناد عن عبد الرحمن بن الحارث عن سليمان بن موسى عن مكحول عن أبي سلام عن أبي أمامة الباهلي عن عبادة بن الصامت قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفلهم إذا خرجوا باديين الربع وينفلهم إذا قفلوا الثلث قيل لهم وهذا الحديث أيضا قد يحتمل ما أحتمله حديث حبيب بن مسلمة الذي أرسله أكثر الناس عن مكحول أنه كان ينفل في البدأة الربع وفي الرجعة الثلث وقد يجوز أيضا أن يكون عبادة عني بقوله وينفلهم إذا قفلوا الثلث فيكون ذلك على قفول من قتال إلى قتال فإن كان ذلك كذلك وكان الثلث المنفل هو الثلث قبل الخمس فذلك جائز عندنا أيضا لأنه يرجى بذلك صلاح القوم وتحريضهم على قتال عدوهم فأما إذا كان القتال قد ارتفع فلا يجوز النفل لأنه لا منفعة للمسلمين في ذلك واحتج أهل المقالة الأولى لقولهم أيضا بما حدثنا ابن مرزوق قال ثنا بشر بن عمر وعبيد الله
(٢٤٠)