يستعملهما على الصدقة ليصيبا منها فقال لهما إنما هي أوساخ الناس وأنها لا تحل لمحمد ولا لأحد من أهل بيته وقد يجوز أيضا أن يكون لم يعطها الخادم حينئذ لأنه لم يكن قسم فلما قسم أعطاها حقها من ذلك وأعطى غيرها أيضا حقه فيكون تركه إعطاءها إنما كان لأنه لم يقسم ودلها على تسبيح الله وتحميده وتهليله الذي يرجو لها به الفوز من الله تعالى والزلفى عنده وقد يجوز أن يكون قد أخدمها من ذلك بعد ما قسم ولا نعلم في الآثار ما يدفع شيئا من ذلك وقد يجوز أن يكون منعها من ذلك إن كان منعها منه لأنها ليست قرابة ولكن أقرب من القرابة لان الولد لا يقال هو من قرابة أبيه إنما يقال ذلك لمن غيره أقرب إليه منه ألا ترى إلى قول الله عز وجل قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين فجعل الوالدين غير الأقربين لأنهم أقرب من الأقربين فكما كان الوالد يخرج من قرابة ولده فكذلك الولد يخرج من قرابة والده وقد قال محمد بن الحسن رحمة الله عليه نحوا مما ذكرنا في رجل قال قد أوصيت بثلث مالي لقرابة فلان أن والديه وولده لا يدخلون في ذلك لأنهم أقرب من القرابة وليسوا بقرابة واحتج في ذلك بهذه الآية التي ذكرناها فهذا وجه آخر فارتفع بما ذكرنا أن يكون لهم أيضا بحديث فاطمة رضي الله عنها هذا حجة في نفي سهم ذوي القربى وأما ما احتجوا به في حديث أبي بكر وعمر رضي الله عنهما من فعلهما وأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينكروا ذلك عليهما فإن هذا مما يسع فيه اجتهاد الرأي فرأياهما ذلك واجتهدا فكان ما أداهما إليه اجتهادهما هو ما رأيا في ذلك فحكما به وهو الذي كان عليهما وهما في ذلك مثابان مأجوران وأما قولهم ولم ينكر ذلك عليهما أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف يجوز أن ينكر ذلك عليهما أحد وهما إمامان عدلان رأيا رأيا فحكما به ففعلا في ذلك الذي كلفا ولكن قد رأى في ذلك غيرهما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بخلاف ما رأيا فلم يعنفوهما فيما حكما به من ذلك إذ كان الرأي في ذلك واسعا والاجتهاد للناس جميعا فأدى أبا بكر وعمر رضي الله عنهما رأيهما في ذلك إلى ما رأيا وحكما وأدى غيرهما ممن خالفهما اجتهاده في ذلك إلى ما رآه وكل مأجور في اجتهاده في ذلك مثاب مؤد للفرض الذي عليه ولم ينكر بعضهم على بعض قوله لان ما خالف إليه هو رأي والذي قاله مخالفه هو رأي أيضا ولا توقيف مع واحد منهما لقوله من كتاب ولا سنة ولا إجماع
(٢٣٧)