وعلى هذا الوجه عندنا والله أعلم أسهم النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان بن عفان في غنائم بدر ولولا ذلك لما أسهم له كما لم يسهم لغيره ممن غاب عنها لان غنائم بدر وكانت وجبت لمن حضرها دون من غاب عنها إذا لما ضرب النبي صلى الله عليه وسلم لغيرهم فيها بسهم ولكنها وجبت لمن حضر الوقعة ولكل من بذل نفسه لها فصرفه الامام عنها وشغله بغيرها من أمور المسلمين كمن حضرها وأما حديث أبي هريرة رضي الله عنه فإنما ذلك عندنا والله أعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم وجه أبانا إلى نجد قبل أن يتهيأ خروجه إلى خيبر فتوجه أبان في ذلك ثم حدث من خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر ما حدث فكان ما غاب فيه أبان من ذلك عن حضور خيبر وليس هو شغلا شغله النبي صلى الله عليه وسلم عن حضورها بعد إرادته إياه فيكون كمن حضرها فهذان الحديثان أصلان فكل من أراد الخروج مع الامام إلى قتال العدو فرده الامام على ذلك بأمر آخر من أمور المسلمين فتشاغل به حتى غنم الامام غنيمة فهو كمن حضر مع الامام يسهم له في الغنيمة كما يسهم لمن حضرها وكل شئ تشاغل به رجل من شغل نفسه أو شغل المسلمين مما كان دخوله فيه متقدما ثم حدث للامام قتال العدو فتوجه له فغنم فلا حق لذلك الرجل في الغنيمة وهي بين من حضرها وبين من حكمه حكم الحاضر لها واحتج أهل المقالة الأولى لقولهم أيضا بما حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا عبد الرحمن بن زياد قال ثنا شعبة عن قيس بن مسلم قال سمعت طارق بن شهاب أن أهل البصرة غزوا نهاوند وأمدهم أهل الكوفة فظفروا فأراد أهل البصرة أن لا يقسموا لأهل الكوفة وكان عمار على أهل الكوفة فقال رجل من بني عطارد أيها الأجدع تريد أن تشاركنا في غنائمنا فقال أذني سينبت قال فكتب في ذلك إلى عمر رضي الله عنه فكتب عمر إن الغنيمة لمن شهد الوقعة قالوا فهذا عمر رضي الله عنه قد ذهب أيضا إلى أن الغنيمة لمن شهد الوقعة فقد وافق هذا قولنا قيل لهم قد يجوز أن تكون نهاوند فتحت وصارت دار الاسلام وأحرزت الغنائم وقسمت قبل ورود أهل الكوفة فإن كان ذلك كذلك فإنا نحن نقول أيضا إن الغنيمة في ذلك لمن شهد الوقعة وإن كان جواب عمر رضي الله عنه الذي في هذا الحديث لما كتب به إليه إنما هو لهذا السؤال فإن ذلك مما لا اختلاف فيه وإن كان على أن أهل الكوفة لحقوا بهم قبل خروجهم من دار الشرك بعد ارتفاع القتال فكتب عمر رضي الله عنه إن الغنيمة لمن شهد الوقعة فإن في ذلك الحديث ما يدل على أن أهل الكوفة قد كانوا طلبوا
(٢٤٥)