والدليل على أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما قد كانا خولفا فيما رأيا من ذلك قول بن عباس رضي الله عنهما قد كنا نرى أنا نحن هم قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبى ذلك علينا قومنا فأخبر أنهم رأوا في ذلك رأيا أباه عليهم قومهم وأن عمر دعاهم إلى أن يزوج منه أيمهم ويكسو منه عاريهم قال فأبينا عليه إلا أن يسلمه لنا كله فدل ذلك أنهم قد كانوا على هذا القول في خلافة عمر بعد أبي بكر وأنهم لم يكونوا نزعوا عما كانوا رأوا من ذلك لرأي أبي بكر ولا رأي عمر رضي الله عنهما فدل ما ذكرنا أن حكم ذلك كان عند أبي بكر وعمر وعند سائر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كحكم الأشياء التي تختلف فيها التي يسع فيها اجتهاد الرأي وأما قولهم ثم أفضى الامر إلى علي رضي الله عنه فلم يغير شيئا من ذلك عما كان وضعه عليه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما قالوا فذلك دليل على أنه قد كان رأي في ذلك أيضا مثل الذي رأيا فليس ذلك كما ذكروا لأنه لم يكن بقي في يد علي مما كان وقع في يد أبي بكر وعمر من ذلك شئ لأنهما لما كان ذلك وقع في أيديهما أنفذاه في وجوهه التي رأياها في ذلك الذي كان عليهما ثم أفضى الامر إلى علي رضي الله عنه فلم يعلم أنه سبي أحدا ولا ظهر على أحد من العدو ولا غنم غنيمة يجب فيها خمس لله لأنه إنما كان شغله في خلافته كلها بقتال من خالفه ممن لا يسبي ولا يغنم وإنما يحتج بقول علي رضي الله عنه في ذلك لو سبي وغنم ففعل في ذلك مثل ما كان أبو بكر وعمر فعلا في الأخماس وأما إذا لم يكن سبي ولا غنم فلا حجة لأحد في تغيير ما كان فعل قبله من ذلك ولو كان بقي في يده من ذلك شئ مما كان غنمه من قبله فحرمه ذوي قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان في ذلك أيضا حجة تدل على مذهبه في ذلك كيف كان لان ذلك إنما صار إليه بعد ما نفذ فيه الحكم من الامام الذي كان قبله فلم يكن له إبطال ذلك الحكم وإن كان هو يرى خلافه لان ذلك الحكم مما يختلف فيه العلماء ولو كان علي رضي الله عنه رأى في ذلك ما كان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما رأياه في قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من قد خالفه لقول بن عباس رضي الله عنهما كنا نرى أنا نحن هم فأبى ذلك علينا قومنا فهذه جوابات الحجج التي احتج بها الذين نفوا سهم ذوي القربى أن يكون واجبا لهم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في حياته وأنهم كانوا في ذلك كسائر الفقراء فبطل هذا المذهب فثبت أحد المذاهب الاخر فأردنا أن ننظر في قول من جعله لقرابة الخليفة من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم للخليفة من بعده هل لذلك وجه
(٢٣٨)