فقال إن بني المطلب لم يفارقوني في الجاهلية ولا في الاسلام قالوا فلما أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك السهم بعض القرابة وحرم من قرابته منه كقرابتهم ثبت بذلك أن الله لم يرد بما جعل لذوي القربى كل قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما أراد به خاصا منهم وجعل الرأي في ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يضعه فيمن شاء منهم وإذا مات فانقطع رأيه انقطع ما جعل لهم من ذلك كما قد جعل لرسول الله صلى الله عليه وسلم يصطفى من المغنم لنفسه سهم الصفي فكان ذلك ما كان حيا يختار لنفسه من المغنم ما شاء فلما مات انقطع ذلك وممن ذهب إلى هذا القول أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد رحمة الله عليهم وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا بل ذوو القربى الذين جعل الله لهم من ذلك ما جعل هم بنو هاشم وبنو المطلب فأعطاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطاهم من ذلك بجعل الله عز وجل ذلك لهم ولم يكن له حينئذ أن يعطى غيرهم من بني أمية وبني نوفل لأنهم لم يدخلوا في الآية وإنما دخل فيها من قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بنو هاشم وبنو المطلب خاصة فلما اختلفوا في هذا هذا الاختلاف فذهب كل فريق إلى ما ذكرنا واحتج لقوله بما وصفنا وجب أن نكشف كل قول منها وما ذكرنا من حجة قائله لنستخرج من هذه الأقاويل قولا صحيحا فنظرنا في ذلك فابتدأنا بقول الذي نفى ان يكون لهم في الآية شئ بحق القرابة وأنه إنما جعل لهم فيها ما جعل لحاجتهم وفقرهم كما جعل للمسكين واليتيم فيها ما جعل لحاجتهما وفقرهما فإذا ارتفع الفقر عنهم جميعا ارتفعت حقوقهم من ذلك فوجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قسم سهم ذوي القربى حين قسمه فأعطى بني هاشم وبني المطلب وعمهم بذلك جميعا وقد كان فيهم الغني والفقير فثبت بذلك أنه لو كان ما جعل لهم في ذلك هو لعلة الفقر لعلة القرابة إذا لما دخل أغنياؤهم في فقرائهم فيما جعل لهم من ذلك ولقصد إلى الفقراء منهم دون الأغنياء فأعطاهم كما فعل في اليتامى فلما أدخل أغنياء هم في فقرائهم ثبت بذلك أنه قصد بذلك إلى أعيان القرابة لعلة قرابتهم لا لعلة فقرهم وأما ما ذكروا من حديث فاطمة رضي الله عنها حيث سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخدمها خادما من السبي الذي كان قدم عليه فلم يفعل ووكلها إلى ذكر الله عز وجل والتسبيح فهذا ليس فيه عندنا دليل لهم على ما ذكروا لان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقل لها حين سألته لا حق لك فيه ولو كان ذلك كذلك لبين ذلك لها كما بينه للفضل بن العباس وربيعة بن الحارث حسن سألا أن
(٢٣٦)