وفي ذلك الحديث ث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عقد لأبي بردة الراية ولم تكن الرايات تعقد إلا لمن أمر بالمحاربة والمبعوث على إقامة حد الزنا غير مأمور بالمحاربة وفي الحديث أيضا أنه بعثه إلى رجل تزوج امرأة أبيه وليس فيه أنه دخل بها فإذا كانت هذه العقوبة وهي القتل مقصودا بها إلى المتزوج لتزوجه دل ذلك أنها عقوبة وجبت بنفس العقد لا بالدخول ولا يكون ذلك إلا والعاقد مستحل لذلك فإن قال قائل فهو عندنا على أنه تزوج ودخل بها قيل له وهو عند مخالفك على أنه تزوج واستحل فإن قال ليس للاستحلال ذكر في الحديث قيل له ولا للدخول ذكر في الحديث فان جاز ان تحمل معنى الحديث على دخول مذكور في الحديث جاز لخصمك أن يحمله على استحلال غير مذكور في الحديث وقد روي في ذلك حرف زائد على ما في الآثار الأول حدثنا حسين بن نصر قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا عبد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن جابر الجعفي عن يزيد بن البراء عن أبيه قال لقي خاله ومعه راية فقلت له إلى أين تذهب فقال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل نكح امرأة أبيه أن أقتله وآخذ ماله وقد روي نحو ذلك أيضا عن غير البراء ما حدثنا محمد بن علي بن داود وفهد ومحمد بن الورد قالوا حدثنا يوسف بن منازل الكوفي قال ثنا عبد الله بن إدريس عن خالد بن أبي كريمة عن معاوية بن قرة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث جده معاوية إلى رجل عرس بامرأة أبيه أن يضرب عنقه ويخمس ماله فلما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذين الحديثين بأخذ مال المتزوج وتخميسه دل ذلك أن المتزوج كان بتزوجه مرتدا محاربا فوجب أن يقتل لردته وكان ماله كمال الحربيين لان المرتد الذي لم يحارب كل قد أجمع في أخذ ماله على خلاف التخميس فقال قوم وهم أبو حنيفة وأصحابه رحمهم الله ومن قال بقولهم ماله لورثته من المسلمين وقال مخالفوهم ماله كل فئ ولا تخميس فيه لأنه لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب ففي تخميس النبي صلى الله عليه وسلم مال المتزوج الذي ذكرنا دليل على أنه قد كانت منه الردة والمحاربة جميعا فانتفى بما ذكرنا أن يكون على أبي حنيفة وسفيان رحمهما الله في ذلك الحديث حجة فإن قال قائل فقد رأينا ذلك النكاح نكاحا لا يثبت فكان ينبغي إذا لم يثبت أن يكون في حكم ما لم ينعقد فيكون الواطئ عليه كالواطئ لا على نكاح فيحد
(١٥٠)