فقد وافق هذا الحديث أيضا حديث أبي هريرة رضي الله عنه وزاد حديث أبي هريرة عليه وعلى حديث بن عمر رضي الله عنهما وجوب السعاية للشريك الذي لم يعتق إذا كان المعتق معسرا فتصحيح هذه الآثار يوجب العمل بذلك ويوجب الضمان على المعتق الموسر لشريكه الذي لم يعتق ولا يوجب الضمان على المعتق المعسر ولكن العبد يسعى في ذلك للشريك الذي لم يعتق وهذا قول أبي يوسف ومحمد رحمة الله عليهما وبه نأخذ فأما أبو حنيفة رضي الله عنه فكان يقول إن كان المعتق موسرا فالشريك بالخيار إن شاء أعتق كما أعتق وكان الولاء بينهما نصفين وإن شاء استسعى العبد في نصف القيمة فإذا أداها عتق وكان الولاء بينهما نصفين وإن شاء ضمن المعتق نصف القيمة فإذا أداها عتق ورجع بها المضمن على العبد فاستسعاه فيها وكان ولاؤه للمعتق وإن كان المعتق معسرا فالشريك بالخيار إن شاء أعتق وإن شاء استسعى العبد في نصف قيمته فأيهما فعل فالولاء بينهما نصفان واحتج في ذلك بما حدثنا أبو بشر الرقي قال ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد قال كان لنا غلام قد شهد القادسية فأبلى فيها وكان بيني وبين أمي وبين أخي الأسود فأرادوا عتقه وكنت يومئذ صغيرا فذكر ذلك الأسود لعمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال أعتقوا أنتم فإذا بلغ عبد الرحمن فإن رغب فيما رغبتم أعتق وإلا ضمنكم ففي هذا الحديث أن لعبد الرحمن بعد بلوغه أن يعتق نصيبه من العبد الذي قد كان دخله عتاق أمه وأخيه قبل ذلك فأبو حنيفة رحمة الله عليه قال فلما كان له أن يعتق بلا بدل كان له أن يأخذ العبد بأداء قيمة ما بقي له فيه حتى يعتق بأداء ذلك إليه ولما كان للذي ليعتق أن يعتق نصيبه من العبد فضمن الشريك المعتق رجع إلى هذا المضمن من هذ العبد مثل ما كان الذي ضمنه فوجب له أن يستسعي العبد في قيمة ما كان لصاحبه فيه وفيما كان لصاحبه أن يستسعيه فيه فهذا مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه في هذا الباب والقول الأول الذي ذهب إليه أبو يوسف ومحمد رحمهما الله أصح القولين عندنا لموافقته لما قد رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والله أعلم
(١٠٨)