أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن جاءت به كذا فهو للذي لاعنها دل ذلك أنه لم يكن اللعان نافيا له لأنه لو كان نافيا له إذا لما كان شبهه به دليلا على أنه منه ولا يعد شبهه إياه دليلا على أنه من غيره وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأعرابي الذي سأله فقال إن امرأتي ولدت غلاما أسود ما حدثنا يونس قال ثنا ابن وهب قال أخبرني يونس عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن امرأتي ولدت غلاما أسود وإني أنكرته فقال له هل لك من إبل قال نعم قال ما ألوانها قال حمر قال هل فيها من أورق قال إن فيها لورقا قال فأنى ترى ذلك جاءها قال يا رسول الله عرق نزعها قال فلعل هذا عرق نزعه حدثنا يونس قال أخبرنا بن وهب قال أخبرني مالك وابن أبي ذئب وسفيان عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله فلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرخص له في نفيه لبعد شبهه منه وكان الشبه غير دليل على شئ ثبت أن جعل النبي صلى الله عليه وسلم ولد الملاعنة من زوجها إن جاءت به على شبهه دليل على أن اللعان لم يكن نفاه منه فقد ثبت بما ذكرنا فساد ما احتج به الذين يرون اللعان بالحمل وفي ذلك حجة أخرى وهي أن في حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أنظروها فإن جاءت به كذا فلا أراه إلا وقد كذ ب عليها وإن جاءت به كذا فلا أراه إلا وقد صدق عليها فكان ذلك القول من رسول الله صلى الله عليه وسلم على الظن لا على اليقين وذلك مما قد دل أيضا أنه لم يكن منه جرى في الحمل حكم أصلا فثبت فساد قول من ذهب إلى اللعان بالحمل وإنما احتججنا به لمن ذهب إلى خلافه في أول هذا الباب ممن أبى اللعان بالحمل وهو قول أبي حنيفة ومحمد وقول أبي يوسف المشهور
(١٠٣)