يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية، لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قضي لهم على لسان نبيهم صلى الله عليه وسلم لاتكلوا عن العمل، وآية ذلك أن فيهم رجلا له عضد، وليس له ذراع، على عضده مثل حلمة الثدي، عليه شعرات بيض، أفتذهبون إلى معاوية وأهل الشام، وتتركون هؤلاء يخلفونكم في دياركم وأموالكم؟ والله إني لأرجو أن يكونوا هؤلاء القوم، فإنهم قد سفكوا الدم الحرام، وأغاروا في سرح الناس، فسيروا على اسم الله تعالى. قال سلمة بن كهيل: فنزلني زيد بن وهب منزلا منزلا، حتى قال: مررنا على قنطرة، قال:
فلما التقينا وعلى الخوارج يومئذ عبد الله بن وهب الراسبي (1) فقال لهم: ألقوا الرماح، وسلوا سيوفكم من جفونها، فإني أخاف أن يناشدوكم كما ناشدوكم يوم حروراء فترجعوا، فوحشوا (2) برماحهم، وسلوا السيوف، قال: وشجرهم الناس برماحهم، قال: وقتل بعضهم على بعض، وما أصيب من الناس يومئذ إلا رجلان، فقال علي رضي الله عنه: التمسوا فيهم المخدج، فلم يجدوه، قال: فقام علي بنفسه حتى أتى ناسا قد قتل بعضهم على بعض، فقال: أخرجوهم، فوجدوه مما يلي الأرض، فكبر، ثم قال: صدق الله وبلغ رسوله صلى الله عليه وسلم، فقام إليه عبيدة السلماني فقال:
يا أمير المؤمنين! الله الذي لا إله إلا هو، لقد سمعت هذا الحديث