التحتية الأولى يقال عيي يعيى عيا وعياء بأمره وعن أمره عجز عنه ولم يطق أحكامه أو لم يهتد لوجه مراده وعيى يعيى عيا في المنطق حصر تنبيه قال الخازن قد يتوهم متوهم أن في بعث علي بن أبي طالب بقراءة أول براءة عزل أبي بكر عن الإمارة وتفضيله على أبي بكر وذلك جهل من هذا الموهم ويدل على أن أبا بكر لم يزل أميرا على الموسم في تلك السنة حديث أبي هريرة عند الشيخين أن أبا بكر بعثه في الحجة التي أمره رسول الله عليها قبل حجة الوداع في رهط يؤذنون في الناس الحديث وفي لفظ أبي داود والنسائي قال بعثني أبو بكر فيمن يؤذن في يوم النحر بمنى أن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان فقوله بعثني أبو بكر فيه دليل على أن أبا بكر كان هو الأمير على الناس وهو الذي أقام للناس حجهم وعلمهم مناسكهم وأجاب العلماء عن بعث رسول الله عليا ليؤذن في الناس ببراءة بأن عادة العرب جرت أن لا يتولى تقرير العهد ونقضه إلا سيد القبيلة وكبيرها أو رجل من أقاربه وكان علي بن أبي طالب أقرب إلى النبي من أبي بكر لأنه ابن عمه ومن رهطه فبعثه النبي ليؤذن عنه ببراءة إزاحة لهذه العلة لئلا يقولوا هذا على خلاف ما نعرفه عن عادتنا في عقد العهود ونقضها وقيل لما خص أبا بكر لتوليته على الموسم خص عليا بتبليغ هذه الرسالة تطييبا لقلبه ورعاية لجانبه وقيل إنما بعث عليا في هذه الرسالة حتى يصلي خلف أبي بكر ويكون جاريا مجرى التنبيه على إمامة أبي بكر بعد رسول الله لأن النبي بعث أبا بكر أميرا على الحاج وولاه الموسم وبعث عليا خلفه ليقرأ على الناس ببراءة فكان أبو بكر الامام وعلى المؤتم وكان أبو بكر رضي الله عنه الخطيب وعلى المستمع وكان أبو بكر المتولي أمر الموسم والأمير على الناس ولم يكن ذلك لعلي فدل ذلك على تقديم أبي بكر على علي وفضله عليه انتهى قلت ومما يدل على أن أبا بكر لم يزل أميرا على الموسم في تلك السنة حديث جابر عند الطبري وإسحاق في مسنده والنسائي والدارمي وابن خزيمة وابن حبان أن النبي حين رجع من عمرة الجعرانة بعث أبا بكر على الحج فأقبلنا معه حتى إذا كنا بالعرج ثوب بالصبح فسمع رغوة ناقة النبي فإذا على عليها فقال له أمير أو رسول فقال بل أرسلني رسول الله ببراءة أقرؤها على الناس الحديث قوله (ومن كان بينه وبين النبي عهد فهو إلى مدته ومن لم يكن له عهد فأجله أربعة
(٣٨٧)