تستغفر لهم لكن الثانية أصرح ولهذا ورد أنها نزلت بعد هذا القصة وفهم عمر أيضا من قوله سبعين مرة أنها للمبالغة وأن العدد المعين لا مفهوم له بل المراد نفي المغفرة لهم ولو كثر الاستغفار فيحصل من من ذلك النهي عن الاستغفار فأطلقه وفهم أيضا أن المقصود الأعظم من الصلاة على الميت طلب المغفرة للميت والشفاعة له فلذلك استلزم عند النهي عن الاستغفار ترك الصلاة فلذلك جاء عنه في هذه الرواية إطلاق النهي عن الصلاة ولهذه الأمور استنكر إرادة الصلاة على عبد الله بن أبي هذا تقرير ما صدر عن عمر مع ما عرف من شدة صلابته في الدين وكثرة بغضه للكفار والمنافقين وهو القائل في حق حاطب بن أبي بلتعة مع ما كان له من الفضل كشهوده بدرا وغير ذلك لكونه كاتب قريش قبل الفتح دعني يا رسول الله أضرب عنقه فقد نافق فلذلك أقدم على كلامه للنبي بما قال ولم يلتفت إلى احتمال إجراء الكلام على ظاهره لما غلب عليه من الصلابة المذكورة قال الزين بن المنير وإنما قال ذلك عمر حرصا على النبي ومشورة لا إلزاما وله عوائد بذلك تنبيه قال الخطابي إنما فعل النبي مع عبد الله بن أبي ما فعل لكمال شفقته على من تعلق بطرف من الدين ولتطييب قلب ولده عبد الله الرجل الصالح ولتألف قومه من الخزرج لرياسته فيهم فلو لم يجب سؤال ابنه وترك الصلاة عليه قبل ورود النهي الصريح لكان سبة على ابنه وعارا على قومه واستعمل أحسن الأمرين في السياسة إلى أن نهى فانتهى وقد أخرج الطبري من طريق سعيد عن قتادة في هذه القصة قال فأنزل الله تعالى ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره قال فذكر لنا أن نبي الله قال وما يغني عنه قميصي من الله وإني لأرجو أن يسلم بذلك ألف من قومه (أنا بين خيرتين) تثنية خيرة كعنبة أي أنا مخير بين الاستغفار وتركه (فأنزل الله ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره) لدفن أو زيارة أي لا تقف عليه ولا تتول دفنه من قولهم قام فلان بأمر فلان إذا كفاه أمره وناب عنه فيه وتمام الآية إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون وهذا تعليل لسبب المنع من الصلاة عليه والقيام على قبره قوله (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه الشيخان والنسائي وابن ماجة
(٣٩٨)