من جواهر الأرض أو من الخشب والحجارة كصورة الادمي والصنم الصورة بلا جثة وقيل هما سواء وقد يطلق الوثن على غير الصورة ومنه حديث عدي قدمت عليه وفي عنقي صليب من ذهب فقال ألق هذا الوثن عنك قاله في المجمع (اتخذوا أخبارهم) أي علماء اليهود (ورهبانهم) أي عباد النصارى (أربابا من دون الله) حيث اتبعوهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله قال أي النبي (أما) بالتخفيف حرف التنبيه (إذا أحلوا لهم شيئا) أي جعلوا لهم حلالا وهو مما حرمه الله تعالى (استحلوه) أي اعتقدوه حلالا (وإذا حرموا عليهم شيئا) أي وهو مما أحله الله (حرموه) أي اعتقدوه حراما قال في فتح البيان في هذه الآية ما يزجر من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد عن التقليد في دين الله وتأثير ما يقوله الأسلاف على ما في الكتاب العزيز والسنة المطهرة فإن طاعة المتمذهب لمن يقتدي بقوله ويستن بسنته من علماء هذه الأمة مع مخالفته لما جاءت به النصوص وقامت به حجج الله وبراهينه هو كاتخاذ اليهود والنصارى للأحبار والرهبان أربابا من دون الله للقطع بأنهم لم يعبدوهم بل أطاعوهم وحرموا ما حرموا وحللوا ما حللوا وهذا هو صنيع المقلدين من هذه الأمة وهو أشبه به من شبه البيضة بالبيضة والتمرة بالتمرة والماء بالماء فيا عباد الله ما بالكم تركتم الكتاب والسنة جانبا وعمدتم إلى رجال هم مثلكم في تعبد الله لهم بهما وطلبه للعمل منهم بما دلا عليه وأفاداه فعملتم بما جاءوا به من الآراء التي لم تعمد بعماد الحق ولم تعضد بعضد الدين ونصوص الكتاب والسنة تنادي بأبلغ نداء وتصوت بأعلى صوت بما يخالف ذلك ويباينه فأعرتموها آذانا صما وقلوبا غلفا وأذهانا كليلة وخواطر عليلة وأنشدتم بلسان الحال وما أنا إلا من غزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشد انتهى وقال الرازي في تفسيره قال شيخنا ومولانا خاتمة المحققين والمجتهدين رضي الله عنه قد شاهدت جماعة من مقلدة الفقهاء قرأت عليهم آيات كثيرة من كتا ب الله تعالى في بعض المسائل فكانت مذاهبهم بخلاف تلك الآيات فلم يقبلوا تلك الآيات ولم يلتفتوا إليها وبقوا ينظرون إلي كالمتعجب يعني كيف يمكن العمل بظواهر هذه الآيات مع أن الرواية عن سلفنا وردت إلى خلافها ولو تأملت حق التأمل وجدت هذا الداء ساريا في عروق الأكثرين من أهل الدنيا
(٣٩١)