وشيخ المسندي أبو حفص عمرو بفتح العين هو ابن أبي سلمة التنيسي بمثناة ونون ثقيلة مكسورة وأبو سلمة أبوه لم أقف على اسمه والمراد منه قوله فيه حكاية عن موسى ستجدني إن شاء الله صابرا وفيه إشارة إلى أن قول ذلك يرجى فيه النجح ووقوع المطلوب غالبا وقد يتخلف ذلك إذا لم يقدر الله وقوعه كما سيأتي مثاله في الحديث الآخر * الحديث السادس عشر حديث أبي هريرة ننزل غدا إن شاء الله بخيف بني كنانة وقد تقدم بأتم من هذا في كتاب الحج وتقدم شرحه أيضا * الحديث السابع عشر حديث عبد الله بن عمر حاصر النبي صلى الله عليه وسلم الطائف الحديث وقد تقدم شرحه في الغزوات وبيان الاختلاف على أبي العباس تابعيه هل هو عن عبد الله بن عمر بضم العين أو بفتحها وبيان الصواب من ذلك وذكر هنا لقوله انا قافلون غدا إن شاء الله مرتين فما قفلوا في الأولى وقفلوا في الثانية (قوله باب قول الله تعالى ولا تنفع الشفاعة عنده الا لمن أذن له) وساق إلى آخر الآية ثم قال ولم يقل ماذا خلق ربكم قال ابن بطال استدل البخاري بهذا على أن قول الله قديم لذاته قائم بصفاته لم يزل موجودا به ولا يزال كلامه لا يشبه المخلوقين خلافا للمعتزلة التي نفت كلام الله وللكلابية في قولهم هو كناية عن الفعل والتكوين وتمسكوا بقول العرب قلت بيدي هذا أي حركتها واحتجوا بأن الكلام لا يعقل الا بأعضاء ولسان والباري منزه عن ذلك فرد عليهم البخاري بحديث الباب والآية وفيه انهم إذا ذهب عنهم الفزع قالوا لمن فوقهم ماذا قال ربكم فدل ذلك على أنهم سمعوا قولا لم يفهموا معناه من أجل فزعهم فقالوا ماذا قال ولم يقولوا ماذا خلق وكذا أجابهم من فوقهم من الملائكة بقولهم قالوا الحق والحق أحد صفتي الذات التي لا يجوز عليها غيره لأنه لا يجوز على كلامه الباطل فلو كان خلقا أو فعلا لقالوا خلق خلقا انسانا أو غيره فلما وصفوه بما يوصف به الكلام لم يجز ان يكون القول بمعنى التكوين انتهى وهذا الذي نسبه للكلابية بعيد من كلامهم وانما هو كلام بعض المعتزلة فقد ذكر البخاري في خلق أفعال العباد عن أبي عبيد القاسم بن سلام ان المريسي قال في قوله تعالى انما قولنا لشئ إذا أردناه ان نقول له كن فيكون هو كقول العرب قالت السماء فأمطرت وقال الجدار هكذا إذا مال فمعناه قوله إذا أردناه إذا كوناه وتعقبه أبو عبيد بأنه أغلوطة لان القائل إذا قال قالت السماء لم يكن كلاما صحيحا حتى يقول فأمطرت بخلاف من يقول قال الانسان فإنه يفهم منه أنه قال كلاما فلولا قوله فأمطرت لكان الكلام باطلا لان السماء لا قول لها فإلى هذا أشار البخاري وهذا أول باب تكلم فيه البخاري على مسئلة الكلام وهي طويلة الذيل قد أكثر أئمة الفرق فيها القول وملخص ذلك قال البيهقي في كتاب الاعتقاد القرآن كلام الله وكلام الله صفة من صفات ذاته وليس شئ من صفات ذاته مخلوقا ولا محدثا ولا حادثا قال تعالى انما قولنا لشئ إذا أردنا ان نقول له كن فيكون فلو كان القرآن مخلوقا لكان مخلوقا بكن ويستحيل ان يكون قول الله لشئ بقول لأنه يوجب قولا ثانيا وثالثا فيتسلسل وهو فاسد وقال الله تعالى الرحمن علم القرآن خلق الانسان فخص القرآن بالتعليم لأنه كلامه وصفته وخص الانسان بالتخليق لأنه خلقه ومصنوعه ولولا ذلك لقال خلق القرآن والانسان وقال الله تعالى وكلم الله موسى تكليما ولا يجوز ان يكون كلام المتكلم قائما بغيره وقال تعالى وما كان لبشر ان يكلمه الله الا وحيا الآية فلو كان لا يوجد الا مخلوقا في شئ مخلوق لم يكن لاشتراط الوجوه
(٣٧٩)