أبي سعيد كيسان (قوله ما مثله أو من امن عليه البشر) أو شك من الرواي فالأولى بضم الهمزة وسكون الواو وكسر الميم من الامن والثانية بالمد وفتح الميم من الايمان وحكى ابن قرقول ان في رواية القابسي بفتح الهمزة وكسر الميم بغير مد من الأمان وصوبها ابن التين فلم يصب وقوله وانما كان الذي أوتيته في رواية المستملي أوتيت بحذف الهاء وقد تقدم شرح هذا الحديث مستوفى في أوائل فضائل القرآن بحمد الله تعالى ومعنى الحصر في قوله انما كان الذي أوتيته ان القرآن أعظم المعجزات وأفيدها وأدومها لاشتماله على الدعوة والحجة ودوام الانتفاع به إلى آخر الدهر فلما كان لا شئ يقاربه فضلا عن أن يساويه كان ما عداه بالنسبة إليه كأن لم يقع قيل يؤخذ من إيراد البخاري هذا الحديث عقب الذي قبله ان الراجح عنده ان المراد بجوامع الكلم القرآن وليس ذلك بلازم فان دخول القرآن في قوله بعثت بجوامع الكلم لا شك فيه وانما النزاع هل يدخل غيره من كلامه من غير القرآن وقد ذكروا من أمثلة جوامع الكلام في القرآن قوله تعالى ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون وقوله ومن يطع الله ورسوله ويخشى الله ويتقه فأولئك هم الفائزون إلى غير ذلك ومن أمثلة جوامع الكلم من الأحاديث النبوية حديث عائشة كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد وحديث كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل متفق عليهما وحديث أبي هريرة وإذا أمرتكم بأمر فاتوا منه ما استطعتم وسيأتي شرحه قريبا وحديث المقدام ما ملا ابن آدم وعاء شرا من بطنه * الحديث أخرجه الأربعة وصححه ابن حبان والحاكم إلى غير ذلك مما يكثر بالتتبع وانما يسلم ذلك فيما لم تتصرف الرواة في ألفاظه والطريق إلى معرفة ذلك أن تقل مخارج الحديث وتتفق ألفاظه والا فان مخارج الحديث إذا كثرت قل أن تتفق ألفاظه لتوارد أكثر الرواة على الاقتصار على الرواية بالمعنى بحسب ما يظهر لأحدهم انه واف به والحامل لأكثرهم على ذلك انهم كانوا لا يكتبون ويطول الزمان فيتعلق المعنى بالذهن فيرتسم فيه ولا يستحضر اللفظ فيحدث بالمعنى لمصلحة التبليغ ثم يظهر من سياق ما هو احفظ منه انه لم يوف بالمعنى (قوله باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي قبولها والعمل بما دلت عليه فأما أقواله صلى الله عليه وسلم فتشتمل على أمر ونهي وأخبار وسيأتي حكم الأمر والنهي في باب مفرد وأما أفعاله فتأتي أيضا في باب مفرد قريبا (قوله وقول الله تعالى واجعلنا للمتقين إماما قال أئمة نقتدي بمن قبلنا ويقتدي بنا من بعدنا) كذا للجميع بإبهام القائل وقد ثبت ذلك من قول مجاهد أخرجه الفريابي والطبري وغيرهما من طريقه بهذا اللفظ بسند صحيح وأخرجه ابن أبي حاتم من طريقه بسند صحيح أيضا قال يقول اجعلنا أئمة في التقوى حتى نأتم بمن كان قبلنا ويأتم بنا من بعدنا وللطبري وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ان المعنى اجعلنا أئمة التقوى لأهله يقتدون بنا لفظ الطبري وفي رواية ابن أبي حاتم اجعلنا أئمة هدى ليهتدي بنا ولا تجعلنا أئمة ضلالة لأنه قال تعالى لأهل السعادة وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وقال لأهل الشقاوة وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ورجح الطبري أنهم سألوا ان يكونوا للمتقين أئمة ولم يسألوا ان يجعل المتقين لهم أئمة ثم تكلم الطبري على افراد إماما مع أن المراد جماعة بما حاصله ان الامام اسم جنس فيتناول الواحد فما فوقه وأخرج عبد بن حميد بسند صحيح عن قتادة في قوله واجعلنا للمتقين إماما أي قادة في الخير ودعاة هدى يؤتم بنا في الخير
(٢١٠)