زيد بن حارثة وابنه أسامة بن زيد ومعاذ بن جبل وعمرو بن العاص في التأمير في كثير من البعوث والسرايا ومعهم جماعة من قريش وتعقبه النووي وغيره بان في الأحاديث ما يدل على أن للقرشي مزية على غيره فيصح الاستدلال به لترجيح الشافعي على غيره وليس مراد المستدل به ان الفضل لا يكون الا للقرشي بل المراد ان كونه قرشيا من أسباب الفضل والتقدم من كما أن أسباب الفضل والتقدم الورع والفقه والقراءة والسن وغيرها فالمستويان في جميع الخصال إذا اختص أحدهما بخصلة منها دون صاحبه ترجح عليه فيصح الاستدلال على تقديم الشافعي على من ساواه في العلم والدين من غير قريش لان الشافعي قرشي وعجب قول القرطبي في المفهم بعد أن ذكر ما ذكره عياض ان المستدل بهذه الأحاديث على ترجيح الشافعي صحبته غفلة قارنها من صميم التقليد طيشه كذا قال ولعل الذي أصابته الغفلة من لم يفهم مراد المستدل والعلم عند الله تعالى * (قوله باب أجر من قضى بالحكمة) سقط لفظ أجر من رواية أبي زيد المروزي وعلى تقدير ثبوتها فليس في الباب ما يدل عليه فيمكن ان يؤخذ من لازم الاذن في تغبيط من قضى بالحكمة فإنه يقتضي ثبوت الفضل فيه وما ثبت فيه الفضل ترتب عليه الاجر والعلم عند الله (قوله لقوله تعالى ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون) وجه الاستدلال بالآية لما ترجم به ان منطوق الحديث دل على أن من قضى بالحكمة كان محمودا حتى أنه لا حرج على من تمنى ان يكون له مثل الذي له من ذلك ليحصل له مثل ما يحصل له من الاجر وحسن الذكر ومفهومه يدل على أن من لم يفعل ذلك فهو على العكس من فاعله وقد صرحت الآية بأنه فاسق واستدلال المصنف بها يدل على أنه يرجح قول من قال إنها عامة في أهل الكتاب وفي المسلمين وحكى ابن التين عن الداودي ان البخاري اقتصر على هذه الآية دون ما قبلها عملا بقول من قال إن الآيتين قبلها نزلتا في اليهود والنصارى وتعقبه ابن التين بأنه لا قائل بذلك قال ونسق الآية لا يقتضي ما قال (قلت) وما نفاه ثابت عن بعض التابعين في تفسير الطبري وغيره ويظهر ان يقال إن الآيات وإن كان سببها أهل الكتاب لكن عمومها يتناول غيرهم لكن لما تقرر من قواعد الشريعة ان مرتكب المعصية لا يسمى كافرا ولا يسمى أيضا ظالما لان الظلم قد فسر بالشرك بقيت الصفة الثالثة فمن ثم اقتصر عليها وقال إسماعيل القاضي في احكام القرآن بعد أن حكى الخلاف في ذلك ظاهر الآيات يدل على أن من فعل مثل ما فعلوا واخترع حكما يخالف به حكم الله وجعله دينا يعمل به فقد لزمه مثل ما لزمهم من الوعيد المذكور حاكما كان أو غيره وقال ابن بطال مفهوم الآية ان من حكم بما أنزل الله استحق جزيل الاجر ودل الحديث على جواز منافسته فاقتضى ان ذلك من أشرف الأعمال وأجل ما يتقرب به إلى الله ويؤيده حديث عبد الله بن أبي أوفى رفعه الله مع القاضي ما لم يجر الحديث أخرجه ابن المنذر (قلت) وأخرجه أيضا ابن ماجة والترمذي واستغربه وصححه ابن حبان والحاكم (قوله حدثنا شهاب بن عباد) هو ابن عمر العبدي وإبراهيم بن حميد هو الرؤاسي بضم الراء وتخفيف الهمزة ثم مهملة وإسماعيل هو ابن أبي خالد وقيس هو ابن أبي حازم وعبد الله هو ابن مسعود والسند كله كوفيون (قوله لا حسد الا في اثنتين) رجل بالجر ويجوز الرفع على الاستئناف والنصب بإضمار أعني (قوله على هلكته) بفتحات أي على اهلاكه أي انفاقه في الحق (قوله وآخر آتاه الله حكمة) في رواية ابن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد
(١٠٧)