المذكور عن ابن عباس لا يثبت لأنه من رواية الكلبي عن أبي صالح عنه والكلبي متروك الحديث وكذلك مقاتل ونقل البيهقي عن الحسين بن المفضل البجلي انه نسب راوي حديث ابن عباس إلى التصحيف وقال انما هو الرفيق بالفاء وقواه البيهقي بالحديث الذي أخرجه مسلم عن عائشة مرفوعا ان الله رفيق يحب الرفق ويعطي عليه مالا يعطي على العنف وأورد له شاهدا من حديث عبد الله بن مغفل ومن طريق عبد الرحمن بن يحيى ثم قال والرحمن خاص في التسمية عام في الفعل والرحيم عام في التسمية خاص في الفعل واستدل بهذه الآية على أن من حلف باسم من أسماء الله تعالى كالرحمن والرحيم انعقدت يمينه وقد تقدم في موضعه وعلى ان الكافر إذا أقر بالوحدانية للرحمن مثلا حكم بإسلامه وقد خص الحليمي من ذلك ما يقع به الاشتراك كما لو قال الطبائعي لا اله الا المحيي المميت فإنه لا يكون مؤمنا حتى يصرح باسم لا تأويل فيه ولو قال من ينسب إلى التجسيم من اليهود لا اله الا الذي في السماء لم يكن مؤمنا كذلك الا إن كان عاميا لا يفقه معنى التجسيم فيكتفى منه بذلك كما في قصة الجارية التي سألها النبي صلى الله عليه وسلم أنت مؤمنة قالت نعم قال فأين الله قالت في السماء فقال أعتقها فإنها مؤمنة وهو حديث صحيح أخرجه مسلم وان من قال لا اله الا الرحمن حكم بإسلامه الا ان عرف أنه قال ذلك عنادا وسمى غير الله رحمانا كما وقع لأصحاب مسيلمة الكذاب قال الحليمي ولو قال اليهودي لا إله إلا الله لم يكن مسلما حتى يقر بأنه ليس كمثله شئ ولو قال الوثني لا إله إلا الله وكان يزعم أن الصنم يقربه إلى الله لم يكن مؤمنا حتى يتبرأ من عبادة الصنم * (تنبيهان) * أحدهما الذي يظهر من تصرف البخاري في كتاب التوحيد انه يسوق الأحاديث التي وردت في الصفات المقدسة فيدخل في كل حديث منها في باب ويؤيده بآية من القرآن للإشارة إلى خروجها عن أخبار الآحاد على طريق التنزل في ترك الاحتجاج بها في الاعتقاديات وانه من أنكرها خالف الكتاب والسنة جميعا وقد اخرج ابن أبي حاتم في كتاب الرد على الجهمية بسند صحيح عن سلام بن أبي مطيع وهو شيخ شيوخ البخاري انه ذكر المبتدعة فقال ويلهم ماذا ينكرون من هذه الأحاديث والله ما في الحديث شئ الا وفي القرآن مثله يقول الله تعالى ان الله سميع بصير ويحذركم الله نفسه والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه ما منعك ان تسجد لما خلقت بيدي وكلم الله موسى تكليما الرحمن على العرش استوى ونحو ذلك فلم يزل أي سلام بن مطيع يذكر الآيات من العصر إلى غروب الشمس وكأنه لمح في هذه الترجمة بهذه الآية إلى ما ورد في سبب نزولها وهو ما أخرجه ابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عباس ان المشركين سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو يا الله يا رحمن فقالوا كان محمد يأمرنا بالدعاء اله واحد وهو يدعو الهين فنزلت وأخرج عن عائشة بسند آخر نحوه الثاني قوله في السند الأول حدثنا محمد كذا للأكثر قال الكرماني تبعا لأبي علي الجياني هو اما ابن سلام واما ابن المثنى انتهى وقد وقع التصريح بأنه ابن سلام في رواية أبي ذر عن شيوخه فتعين الجزم به كما صنع المزي في الأطراف فإنه قال ح عن محمد وهو ابن سلام (قلت) ويؤيده انه عبر بقوله أنبأنا أبو معاوية ولو كان ابن المثنى لقال حدثنا لما عرف من عادة كل منهما والله أعلم * (قوله باب قول الله تعالى ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين) كذا لأبي ذر والأصيلي والحفصوي على وفق القراءة المشهورة وكذا هو عند النسفي وعليه جرى الإسماعيلي
(٣٠٤)