كالعلم والقدرة وعلى ما ينفصل عنه كبيت الله وناقة الله فقوله روح الله من هذا القبيل الثاني وهي إضافة تخصيص وتشريف وهي فوق الإضافة العامة التي بمعنى الايجاد فالإضافة على ثلاث مراتب إضافة ايجاد وإضافة تشريف وإضافة صفة والذي يدل على أن الروح مخلوقة عموم قوله تعالى الله خالق كل شئ وهو رب كل شئ ربكم ورب آبائكم الأولين والأرواح مربوبة وكل مربوب مخلوق رب العالمين وقوله تعالى لزكريا وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا وهذا الخطاب لجسده وروحه معا ومنه قوله هل اتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا وقوله تعالى ولقد خلقناكم ثم صورناكم سواء قلنا إن قوله خلقنا يتناول الأرواح والاجساد معا أو الأرواح فقط ومن الأحاديث الصحيحة حديث عمران بن حصين كان الله ولم يكن شئ غيره وقد تقدم التنبيه عليه في كتاب بدء الخلق وقد وقع الاتفاق على أن الملائكة مخلوقون وهم أرواح وحديث الأرواح جنود مجندة والجنود المجندة لا تكون الا مخلوقة وقد تقدم هذا الحديث وشرحه في كتاب الأدب وحديثه أبي قتادة ان بلالا قال لما ناموا في الوادي يا رسول الله اخذ بنفسي الذي اخذ بنفسك والمراد بالنفس الروح قطعا لقوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ان الله قبض أرواحكم حين شاء الحديث كما في قوله تعالى الله يتوفى الأنفس حين موتها الآية وقد تقدم الكلام على بقية فوائد هذا الحديث في سورة سبحان وقوله في آخره وما أوتوا من العلم الا قليلا كذا للأكثر ووقع في رواية الكشميهني وما أوتيتم على وفق القراءة المشهورة ويؤيد الأول قوله في بقيته قال الأعمش هكذا في قراءتنا قال ابن بطال غرضه الرد على المعتزلة في زعمهم ان أمر الله مخلوق فتبين ان الامر هو قوله تعالى للشئ كن فيكون بأمره له وان امره وقوله بمعنى واحد وأنه يقول كن حقيقة وان الامر غير الخلق لعطفه عليه بالواو انتهى وسيأتي مزيد لهذا في باب والله خلقكم وما تعملون (قوله باب قول الله تعالى قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي إلى قوله جئنا بمثله مددا) في رواية أبي زيد المروزي إلى آخر الآية وساق في رواية كريمة الآية كلها (قوله وقوله ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله) جاء في سبب نزولها ما أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح عن ابن عباس في قصة سؤال اليهود عن الروح ونزول قوله تعالى قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم الا قليلا قالوا كيف وقد أوتينا التوراة فنزلت قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي الآية فأخرج عبد الرزاق في تفسيره من طريق أبي الجوزاء قال لو كان كل شجرة في الأرض أقلاما والبحر مدادا لنفد الماء وتكسرت الأقلام قبل أن تنفد كلمات الله وعن معمر عن قتادة ان المشركين قالوا في هذا القرآن يوشك ان ينفد فنزلت وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة نحوه وفيه فأنزل الله لو كان شجر الأرض أقلاما ومع البحر سبعة أبحر مدادا لتكسرت الأقلام ونفد ماء البحار قبل أن تنفد قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي سمعت بعض أهل العلم يقول قول الله عز وجل انا كل شئ خلقناه بقدر وقوله قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر الآية يدل على أن القرآن غير مخلوق لأنه لو كان مخلوقا لكان له قدر وكانت له عناية ولنفد كنفاد المخلوقين وتلا قوله تعالى قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي إلى آخر الآية (قوله إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار
(٣٧٣)