لا تقبل التأويل مثل حديث عطاء مولى أم ضبية عن أبي هريرة بلفظ إذا ذهب ثلث الليل وذكر الحديث وزاد فلا يزال بها حتى يطلع الفجر فيقول هل من داع يستجاب له أخرجه النسائي وابن خزيمة في صحيحه وهو من رواية محمد بن إسحاق وفيه اختلاف وحديث ابن مسعود وفيه فإذا طلع الفجر صعد إلى العرش أخرجه ابن خزيمة وهو من رواية إبراهيم الهجري وفيه مقال وأخرجه أبو إسماعيل من طريق أخرى عن ابن مسعود قال جاء رجل من بني سليم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال علمني فذكر الحديث وفيه فإذا انفجر الفجر صعد وهو من رواية عون بن عبد الله ابن عتبة بن مسعود عن عم أبيه ولم يسمع منه ومن حديث عبادة بن الصامت وفي آخره ثم يعلو ربنا على كرسيه وهو من رواية إسحاق بن يحيى عن عبادة ولم يسمع منه ومن حديث جابر وفيه ثم يعلو ربنا إلى السماء العليا إلى كرسيه وهو من رواية محمد بن إسماعيل الجعفري عن عبد الله بن سلمة بن أسلم وفيهما مقال ومن حديث أبي الخطاب انه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الوتر فذكر الوتر وفي آخره حتى إذا طلع الفجر ارتفع وهو من رواية ثوير بن أبي فاخته وهو ضعيف فهذه الطرق كلها ضعيفة وعلى تقدير ثبوتها لا يقبل قوله إنها لا تقبل التأويل فان محصلها ذكر الصعود بعد النزول فكما قبل النزول التأويل لا يمنع قبول الصعود التأويل والتسليم أسلم كما تقدم والله أعلم وقد أجاد هو في قوله في آخر كتابه فأشار إلى ما ورد من الصفات وكلها من التقريب لا من التمثيل وفي مذاهب العرب سعة يقولون أمر بين كالشمس وجواد كالريح وحق كالنهار ولا تريد تحقيق الاشتباه وانما تريد تحقيق الاثبات والتقريب على الافهام فقد علم من عقل أن الماء أبعد الأشياء شبها بالصخر والله يقول في موج كالجبال فأراد العظم والعلو لا الشبه في الحقيقة والعرب تشبه الصورة بالشمس والقمر واللفظ بالسحر والمواعيد الكاذبة بالرياح ولا تعد شيئا من ذلك كذبا ولا توجب حقيقة وبالله التوفيق * الحديث الخامس حديث أبي هريرة أيضا (قوله إنه سمع أبا هريرة انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول نحن الآخرون السابقون يوم القيامة وبهذا الاسناد قال الله أنفق أنفق عليك) تقدم القول في الحكمة في تصديره هذا الحديث بقوله نحن الآخرون السابقون في كتاب الديات في باب من أخذ حقه أو اقتص وحاصله انه أول حديث في النسخة فكان البخاري أحيانا إذا ساق منها حديثا ذكر طرفا من أول حديث فيها ثم ذكر الحديث الذي يريد إيراده وأحيانا لا يصنع ذلك وقد وقع له في هذا الحديث بعينه كل من الامرين فان هذا القدر وهو قوله أنفق أنفق عليك طرف من حديث طويل أورده بتمامه في تفسير سورة هود وفيه وقال يد الله ملأى لا يغيضها نفقة الحديث بتمامه واقتطع هذا القدر فساقه في باب قوله تعالى لما خلقت بيدي فذكر أوله يد الله ملأى ولم يذكر أوله نحن الآخرون السابقون ولا أنفق أنفق عليك واقتصر منه هنا على هذا القدر ووقع في الأطراف للمزي في ترجمة شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة للبخاري في التفسير وفي التوحيد بجميعه عن أبي اليمان عن شعيب انتهى والمفهوم من إطلاقه أنه في التوحيد نظير ما في التفسير وليس كذلك والغرض من هذا الحديث نسبة هذا القول إلى الله سبحانه وهو قوله أنفق أنفق عليك وهو من الأحاديث القدسية * الحديث السادس حديث أبي هريرة (قوله ابن فضيل) هو محمد
(٣٩٠)