الاحكام وهو الاتقان للشئ ومنعه من العيب * (قوله باب قول الله تعالى أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) في هذا إشارة من المصنف إلى ترجيح القول الصائر إلى أن الآية نزلت في طاعة الامراء خلافا لمن قال نزلت في العلماء وقد رجح ذلك أيضا الطبري وتقدم في تفسيرها في سورة النساء بسط القول في ذلك وقال ابن عيينة سألت زيد بن أسلم عنها ولم يكن بالمدينة أحد يفسر القرآن بعد محمد بن كعب مثله فقال اقرأ ما قبلها تعرف فقرأت ان الله يأمركم ان تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل الآية فقال هذه في الولاة والنكتة في إعادة العامل في الرسول دون أولي الأمر مع أن المطاع في الحقيقة هو الله تعالى كون الذي يعرف به ما يقع به التكليف هما القرآن والسنة فكأن التقدير أطيعوا الله فيما نص عليكم في القرآن وأطيعوا الرسول فيما بين لكم من القرآن وما ينصه عليكم من السنة أو المعنى أطيعوا الله فيما يأمركم به من الوحي المتعبد بتلاوته وأطيعوا الرسول فيما يأمركم به من الوحي الذي ليس بقرآن ومن بديع الجواب قول بعض التابيعن لبعض الامراء من بني أمية لما قال له أليس الله أمركم أن تطيعونا في قوله وأولي الأمر منكم فقال له أليس قد نزعت عنكم يعني الطاعة إذا خالفتم الحق بقوله فان تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله قال الطيبي أعاد الفعل في قوله وأطيعوا الرسول إشارة إلى استقلال الرسول بالطاعة ولم يعده في أولي الأمر إشارة إلى أنه يوجد فيهم من لا تجب طاعته ثم بين ذلك بقوله فان تنازعتم في شئ كأنه قيل فإن لم يعملوا بالحق فلا تطيعوهم وردوا ما تخالفتم فيه إلى حكم الله ورسوله وذكر فيه حديثين * أحدهما حديث أبي هريرة (قوله عبد الله) هو ابن المبارك ويونس هو ابن يزيد (قوله من أطاعني فقد أطاع الله) هذه الجملة منتزعة من قوله تعالى من يطع الرسول فقد أطاع الله أي لأني لا آمر الا بما أمر الله به فمن فعل ما آمره به فإنما أطاع من أمرني أن آمره ويحتمل ان يكون المعنى لان الله أمر بطاعتي فمن أطاعني فقد أطاع أمر الله له بطاعتي وفي المعصية كذلك والطاعة هي الاتيان بالمأمور به والانتهاء عن المنهي عنه والعصيان بخلافه (قوله ومن أطاع أميري فقد أطاعني) في رواية همام والأعرج وغيرهما عند مسلم ومن أطاع الأمير ويمكن رد اللفظين لمعنى واحد فان كل من يأمر بحق وكان عادلا فهو أمير الشارع لأنه تولى بأمره وبشريعته ويؤيده توحيد الجواب في الامرين وهو قوله فقد أطاعني أي عمل بما شرعته وكان الحكمة في تخصيص أميره بالذكر انه المراد وقت الخطاب ولأنه سبب ورود الحديث واما الحكم فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ووقع في رواية همام أيضا ومن يطع الأمير فقد أطاعني بصيغة المضارعة وكذا ومن يعص الأمير فقد عصاني وهو أدخل في إرادة تعميم من خوطب ومن جاء من بعد ذلك قال ابن التين قيل كانت قريش ومن يليها من العرب لا يعرفون الامارة فكانوا يمتنعون على الامراء فقال هذا القول يحثهم على طاعة من يأمرهم عليهم والانقياد لهم إذا بعثهم في السرايا وإذا ولاهم البلاد فلا يخرجوا عليهم لئلا تفترق الكلمة (قلت) هي عبارة الشافعي في الام ذكره في سبب نزولها وعجبت لبعض شيوخنا الشراح من الشافعية كيف قنع بنسبة هذا الكلام إلى ابن التين معبرا عنه بصيغة قيل وابن التين انما أخذه من كلام الخطابي ووقع عند أحمد وأبي يعلى والطبراني من حديث ابن عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه فقال ألستم تعلمون أن
(٩٩)