والامر والنهي إذا توجه إلى الجميع يقع التوكل فيه من بعضهم فربما وقع التفريط فإذا أقام على كل قوم عريفا لم يسع كل أحد الا القيام بما أمر به وقال ابن المنير في الحاشية يستفاد منه جواز الحكم بالاقرار بغير اشهاد فان العرفاء ما أشهدوا على كل فرد فرد شاهدين بالرضا وانما أقر الناس عندهم وهم نواب للامام فاعتبر ذلك وفيه ان الحاكم يرفع حكمه إلى حاكم آخر مشافهة فينفذه إذا كان كل منهما في محل ولايته (قلت) وقع في سير الواقدي ان أبا رهم الغفاري كان يطوف على القبائل حتى جمع العرفاء واجتمع الامناء على قول واحد وفيه ان الخبر الوارد في ذم العرفاء لا يمنح إقامة العرفاء لأنه محمول ان ثبت على أن الغالب على العرفاء الاستطالة ومجاوزة الحد وترك الانصاف المفضي إلى الوقوع في المعصية والحديث المذكور أخرجه أبو داود من طريق المقدام ابن معد يكرب رفعه العرافة حق ولا بد للناس من عريف والعرفاء في النار ولأحمد وصححه ابن خزيمة من طريق عباد بن أبي علي عن أبي حازم عن أبي هريرة رفعه ويل للأمراء ويل للعرفاء قال الطيبي قوله والعرفاء في النار ظاهر أقيم مقام الضمير يشعر بأن العرافة على خطر ومن باشرها غير آمن من الوقوع في المحذور المفضي إلى العذاب فهو كقوله تعالى ان الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما انما يأكلون في بطونهم نارا فينبغي للعاقل ان يكون على حذر منها لئلا يتورط فيما يؤديه إلى النار (قلت) ويؤيد هذا التأويل الحديث الآخر حيث توعد الامراء بما توعد به العرفاء فدل على أن المراد بذلك الإشارة إلى أن كل من يدخل في ذلك لا يسلم وأن الكل على خطر والاستثناء مقدر في الجميع واما قوله العرافة حق فالمراد به أصل نصبهم فان المصلحة تقتضيه لما يحتاج إليه الأمير من المعاونة على ما يتعاطاه بنفسه ويكفي في الاستدلال لذلك وجودهم في العهد النبوي كما دل عليه حديث الباب * (قوله ما يكره من ثناء السلطان) الإضافة فيه للمفعول أي من الثناء على السلطان بحضرته بقرينة قوله وإذا خرج أي من عنده قال غير ذلك ووقع عند ابن بطال من الثناء على السلطان وكذا عند أبي نعيم عن أبي أحمد الجرجاني عن الفربري وقد تقدم معنى هذه الترجمة في أواخر كتاب الفتن إذا قال عند قوم شيئا ثم خرج فقال بخلافه وهذه أخص من تلك (قوله قال أناس لابن عمر) قلت سمى منهم عروة بن الزبير ومجاهد وأبو إسحق الشيباني ووقع عند الحسن بن سفيان من طريق معاذ عن عاصم عن أبيه دخل رجل علي ابن عمر أخرجه أبو نعيم من طريقه (قوله انا ندخل على سلطاننا) في رواية الطيالسي عن عاصم سلاطيننا بصيغة الجمع (قوله فنقول لهم) أي نثني عليهم في رواية الطيالسي فنتكلم بين أيديهم بشئ ووقع عند ابن أبي شيبة من طريق أبي الشعثاء قال دخل قوم علي ابن عمر فوقعوا في يزيد بن معاوية فقال أتقولون هذا في وجوههم قالوا بل نمدحهم ونثني عليهم وفي رواية عروة بن الزبير عند الحارث بن أبي أسامة والبيهقي قال أتيت ابن عمر فقلت انا نجلس إلى أئمتنا هؤلاء فيتكلمون في شئ نعلم أن الحق غيره فنصدقهم فقال كنا نعد هذا نفاقا فلا أدري كيف هو عندكم لفظ البيهقي في رواية الحرث يا أبا عبد الرحمن انا ندخل على الامام يقضي بالقضاء نراه جورا فنقول تقبل الله فقال انا نحن معاشر محمد فذكر نحوه وفي كتاب الايمان لعبد الرحمن بن عمر الأصبهاني بسنده عن عريب الهمداني قلت لابن عمر فذكر نحوه وعريب بمهملة وموحدة وزن عظيم وللخرائطي في المساوى من طريق الشعبي قلت لأبي عمر انا ندخل على أمرائنا فنمدحهم فإذا خرجنا قلنا لهم خلاف ذلك فقال كنا نعد هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نفاقا وفي
(١٤٩)