ان كلامه صفة من صفات ذاته فكل صفة تسمى شيئا بمعنى انها موجودة وحكى ابن بطال أيضا أن في هذه الآيات والآثار ردا على من زعم أنه لا يجوز ان يطلق على الله شئ كما صرح به عبد الله الناشئ المتكلم وغيره وردا على من زعم أن المعدوم شئ وقد أطبق العقلاء على أن لفظ شئ يقتضي اثبات موجود وعلى ان لفظ لا شئ يقتضي نفي موجود الا ما تقدم من اطلاقهم ليس بشئ في الذم فإنه بطريق المجاز * (قوله باب وكان عرشه على الماء وهو رب العرش العظيم) كذا ذكر قطعتين من آيتين وتلطف في ذكر الثانية عقب الأولى لرد من توهم من قوله في الحديث كان الله ولم يكن شئ قبله وكان عرشه على الماء ان العرش لم يزل مع الله تعالى وهو مذهب باطل وكذا من زعم من الفلاسفة ان العرش هو الخالق الصانع وربما تمسك بعضهم وهو أبو إسحاق الهروي بما أخرجه من طريق سفيان الثوري حدثنا أبو هشام هو الرماني بالراء والتشديد عن مجاهد عن ابن عباس قال إن الله كان على عرشه قبل ان يخلق شيئا فأول ما خلق الله القلم وهذه الأولية محمولة على خلق السماوات والأرض وما فيهما فقد أخرج عبد الرزاق في تفسيره عن معمر عن قتادة في قوله تعالى وكان عرشه على الماء قال هذا بدء خلقه قبل ان يخلق السماء وعرشه من ياقوتة حمراء فأردف المصنف بقوله رب العرش العظيم إشارة إلى أن العرش مربوب وكل مربوب مخلوق وختم الباب بالحديث الذي فيه فإذا انا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فان في اثبات القوائم للعرش دلالة على أنه جسم مركب له أبعاض وأجزاء والجسم المؤلف محدث مخلوق وقال البيهقي في الأسماء والصفات أنفقت أقاويل هذا التفسير على أن العرش هو السرير وانه جسم خلقه الله وأمر ملائكته بحمله وتعبدهم بتعظيمه والطواف به كما خلق في الأرض بيتا وأمر بني آدم بالطواف به واستقباله في الصلاة وفي الآيات أي التي ذكرها والأحاديث والآثار دلالة على على صحة ما ذهبوا إليه (قوله قال أبو العالية استوى إلى السماء ارتفع فسوى خلق) في رواية الكشميهني فسواهن خلقهن وهو الموافق للمنقول عن أبي العالية لكن بلفظ فقضاهن كما أخرجه الطبري من طريق أبي جعفر الرازي عنه في قوله تعالى ثم استوى إلى السماء قال ارتفع وفي قوله فقضاهن خلقهن وهذا هو المعتمد والذي وقع فسواهن تغيير ووقع لفظ سوى أيضا في سورة النازعات في قوله تعالى رفع سمكها فسواها وليس المراد هنا وقد تقدم في تفسير سورة فصلت في حديث ابن عباس الذي أجاب به عن الأسئلة التي قال السائل أنها اختلفت عليه في القرآن فان فيها انه خلق الأرض قبل السماء ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات ثم دحا الأرض ثم إن في تفسير سوى بخلق نظرا لان في التسوية قدرا زائدا على الخلق كما في قوله تعالى الذي خلق فسوى (قوله وقال مجاهدا استوى علا على العرش) وصله الفريابي عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عنه قال ابن بطال اختلف الناس في الاستواء المذكور هنا فقالت المعتزلة معناه الاستيلاء بالقهر والغلبة واحتجوا بقول الشاعر قد استوى بشر على العراق * من غير سيف ودم مهراق وقالت الجسمية معناه الاستقرار وقال بعض أهل السنة معناه ارتفع وبعضهم معناه علا وبعضهم معناه الملك والقدرة ومنه استوت له الممالك يقال لمن أطاعه أهل البلاد وقيل معنى الاستواء التمام والفراغ من فعل الشئ ومنه قوله تعالى ولما بلغ أشده واستوى فعلى هذا فمعنى
(٣٤١)