حتى يأتيه فيسمع كلام الله وحتى يبلغه مأمنه قال ابن بطال ذكر هذه الآية من أجل أمر الله تعالى نبيه بإجارة الذي يسمع الذكر حتى يسمعه فان امن فذاك والا فيبلغ مأمنه حتى يقضي الله فيه ما شاء (قوله والنبأ العظيم القرآن) هو تفسير مجاهد وصله الفريابي بالسند المذكور إليه قال ابن بطال سمي نبأ لأنه ينبأ به والمعنى به إذا سألوا عن النبأ العظيم فأجبهم وبلغ القرآن إليهم قال الراغب النبأ الخبر ذو الفائدة الجليلة يحصل به علم أو ظن غالب وحق الخبر الذي يسمى نبأ ان يتعرى عن الكذب (قوله صوابا حقا في الدنيا وعمل به) قال ابن بطال يريد قوله تعالى الامن أذن له الرحمن وقال صوابا أي حقا في الدنيا وعمل به فهو الذي يؤذن له في الكلام بين يدي الله بالشفاعة لمن أذن له (قلت) وهذا وصله الفريابي أيضا عن مجاهد بالسند المذكور قال الكرماني عادة البخاري أنه إذا ذكر آية مناسبة للترجمة يذكر معها بعض ما يتعلق بتلك السورة التي فيها تلك الآية مما ثبت عنده في تفسيره ونحوه على سبيل التبعية انتهى وكأنه لم يظهر له وجع مناسبة هذه الآية الأخيرة بالترجمة والذي يظهر في مناسبتها ان تفسير قوله صوابا بقول الحق والعمل به في الدنيا يشمل ذكر الله باللسان والقلب مجتمعين ومنفردين فناسب قوله ذكر العباد بالدعاء والتضرع * (تنبيه) * لم يذكر في هذا الباب حديثا مرفوعا ولعله بيض له فأدمجه النساخ كغيره واللائق به الحديث القدسي من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وقد تقدم قريبا فإنه يصح في قوله من ذكرني في ملا أي من الناس بالدعاء والتضرع ذكرته في ملا أي من الملائكة بالرحمة والمغفرة ثم وجدته في كتاب خلق أفعال العباد قد أورد حديث أبي هريرة الذي فيه اقرؤا ان شئتم يقول العبد الحمد الله رب العالمين فيقول الله حمدني عبدي إلى أن قال يقول العبد إياك نعبد وإياك نستعين يقول الله هذه الآية بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل الحديث قال البخاري فيه بيان ان سؤال العبد غير ما يعطيه الله وان قول العبد غير كلام الله وهذا من العبد الدعاء والتضرع ومن الله الامر والاجابة انتهى وحديث أبي هريرة أخرجه مالك ومسلم وأصحاب السنن وليس هو على شرط البخاري في صحيحه فاكتفى فيه بالإشارة إليه وفي كتابه من ذلك نظائر (قوله باب قول الله تعالى فلا تجعلوا لله أندادا وقوله وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين) ثم ذكر آيات وآثارا إلى ذكر حديث ابن مسعود سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي الذنب أعظم قال إن تجعل لله ندا وهو خلقك الند بكسر النون وتشديد الدال يقال له النديد أيضا وهو نظير الشئ الذي يعارضه في أموره وقيل ند الشئ من يشاركه في جوهره وهو ضرب من المثل لكن المثل يقال في أي مشاركة كانت فكل ند مثل من غير عكس قاله الراغب قال والضد أحد المتقابلين وهما الشيئان المختلفان اللذان لا يجتمعان في شئ واحد ففارق الند في المشاركة ووافقه في المعارضة قال ابن بطال غرض البخاري في هذا الباب اثبات نسبة الافعال كلها لله تعالى سواء كانت من المخلوقين خيرا أو شرا فهي لله تعالى خلق وللعباد كسب ولا ينسب شئ من الخلق لغير الله تعالى فيكون شريكا وندا ومساويا له في نسبة الفعل إليه وقد نبه الله تعالى عباده على ذلك بالآيات المذكورة وغيرها المصرحة بنفي الأنداد والآلهة المدعوة معه فتضمنت الرد على من يزعم أنه يخلق أفعاله ومنها ما حذر به المؤمنين أو أثنى عليهم ومنها ما وبخ به الكافرين وحديث الباب ظاهر في ذلك وقال الكرماني الترجمة مشعرة بان المقصود اثبات نفي الشريك عن الله سبحانه وتعالى فكان
(٤٠٩)