الاخذ من جبريل عليه السلام وقد مضى في الباب السابق وطرف الأداء للأمة وهو المسمى بالتبليغ وهو المقصود هنا * الحديث الرابع حديث عبد الله هو ابن مسعود أي الذنب أكبر تقدم قريبا في باب قوله تعالى فلا تجعلوا لله أندادا وزاد في آخره هنا فأنزل الله تصديقها والذين لا يدعون مع الله الها آخر إلى آخر الآية ومناسبته للترجمة أن التبليغ على نوعين أحدهما وهو الأصل ان يبلغه بعينه وهو خاص بما يتعبد بتلاوته وهو القرآن وثانيهما أن يبلغ ما يستنبط من أصول ما تقدم انزاله فينزل عليه موافقته فيما استنبطه اما بنصه واما بما يدل على موافقته بطريق الأولى كهذه الآية فإنها اشتملت على الوعيد الشديد في حق من أشرك وهي مطابقة للنص وفي حق من قتل النفس بغير حق وهي مطابقة للحديث بطريق الأولى لان القتل بغير حق وإن كان عظيما لكن قتل الولد أشد قبحا من قتل من ليس بولد وكذا القول في الزناة فان الزنا بحليلة الجار أعظم قبحا من مطلق الزنا ويحتمل ان يكون إنزال هذه الآية سابقا على اخباره صلى الله عليه وسلم بما أخبر به لكن لم يسمعها الصحابي الا بعد ذلك ويحتمل أن يكون كل من الأمور الثلاثة نزل تعظيم الاثم فيه سابقا ولكن اختصت هذه الآية بمجموع الثلاثة في سياق واحد مع الاقتصار عليها فيكون المراد بالتصديق الموافقة في الاقتصار عليها فعلى هذا فمطابقة الحديث للترجمة ظاهرة جدا والله أعلم واستدل أبو المظفر بن السمعاني بآيات الباب وأحاديثه على فساد طريقة المتكلمين في تقسيم الأشياء إلى جسم وجوهر وعرض قالوا فالجسم ما اجتمع من الافتراق والجوهر ما حمل العرض والعرض مالا يقوم بنفسه وجعلوا الروح من الاعراض وردوا الاخبار في خلق الروح قبل الجسد والعقل قبل الخلق واعتمدوا على حدسهم وما يؤدي إليه نظرهم ثم يعرضون عليه النصوص فما وافقه قبلوه وما خالفه ردوه ثم ساق هذه الآيات ونظائرها من الامر بالتبليغ قال وكان مما أمر بتبليغه التوحيد بل هو أصل ما أمر به فلم يترك شيئا من أمور الدين أصوله وقواعده وشرائعه الا بلغه ثم لم يدع الا الاستدلال بما تمسكوا به من الجوهر والعرض ولا يوجد عنه ولا عن أحد من أصحابه من ذلك حرف واحد فما فوقه فعرف بذلك انهم ذهبوا خلاف مذهبهم وسلكوا غير سبيلهم بطريق محدث مخترع لم يكن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه رضي الله عنهم ويلزم من سلوكه العود على السلف بالطعن والقدح ونسبتهم إلى قلة المعرفة واشتباه الطرق فالحذر من الاشتغال بكلامهم والاكتراث بمقالاتهم فإنها سريعة التهافت كثيرة التناقض وما من كلام تسمعه لفرقة منهم الا وتجد لخصومهم عليه كلاما يوازنه أو يقاربه فكل بكل مقابل وبعض ببعض معارض وحسبك من قبيح ما يلزم من طريقتهم انا إذا جرينا على ما قالوه وألزمنا الناس بما ذكروه لزم من ذلك تكفير العوام جميعا لانهم لا يعرفون الا الاتباع المجرد ولو عرض عليهم هذا الطريق ما فهمه أكثرهم فضلا عن أن يصير منهم صاحب نظر وانما غاية توحيدهم التزام ما وجدوا عليه أئمتهم في عقائد الدين والعض عليها بالنواجذ والمواظبة على وظائف العبادات وملازمة الاذكار بقلوب سليمة طاهرة عن الشبه والشكوك فتراهم لا يحيدون عما اعتقدوه ولو قطعوا إربا إربا فهنيئا لهم هذا اليقين وطوبى لهم هذه السلامة فإذا كفر هؤلاء وهم السواد الأعظم وجمهور الأمة فما هذا الا طي بساط الاسلام وهدم منار الدين والله المستعان (قوله باب قول الله تعالى قل فأتوا بالتوراة
(٤٢٣)