المتكلمين وأصلها أنهم اختلفوا هل صفة الفعل قديمة أو حادثة فقال جمع من السلف منهم أبو حنيفة هي قديمة وقال آخرون منهم ابن كلاب والأشعري هي حادثة لئلا يلزم ان يكون المخلوق قديما وأجاب الأول بأنه يوجد في الأزل صفة الخلق ولا مخلوق وأجاب الأشعري بأنه لا يكون خلق ولا مخلوق كما لا يكون ضارب ولا مضروب فألزموه بحدوث صفات فيلزم حلول الحوادث بالله فأجاب بأن هذه الصفات لا تحدث في الذات شيئا جديدا فتعقبوه بأنه يلزم ان لا يسمى في الأزل خالقا ولا رازقا وكلام الله قديم وقد ثبت انه فيه الخالق الرازق فانفصل بعض الأشعرية بأن إطلاق ذلك انما هو بطريق المجاز وليس المراد بعدم التسمية عدمها بطريق الحقيقة ولم يرتض هذا بعضهم بل قال وهو المنقول عن الأشعري نفسه ان الأسامي جارية مجرى الاعلام والعلم ليس بحقيقة ولا مجاز في اللغة واما في الشرع فلفظ الخالق الرازق صادق عليه تعالى بالحقيقة الشرعية والبحث انما هو فيها لا في الحقيقة اللغوية فالزموه بتجويز إطلاق اسم الفاعل على من لم يقم به الفعل فأجاب ان الاطلاق هنا شرعي لا لغوي انتهى وتصرف البخاري في هذا الموضع يقتضي موافقة القول الأول والصائر إليه يسلم من الوقوع في مسألة حوادث لا أول لها وبالله التوفيق واما ابن بطال فقال عرضه بيان أن جميع السماوات والأرض وما بينهما مخلوق لقيام دلائل الحدث عليها ولقيام البرهان على أنه لا خالق غير الله وبطلان قول من يقول إن الطبائع خالقة أو الأفلاك أو النور أو الظلمة أو العرش فلما فسدت جميع هذه المقالات لقيام الدليل على حدوث ذلك كله وافتقاره إلى محدث لاستحالة وجود محدث لا محدث له وكتاب الله شاهد بذلك كآية الباب استدل بآيات السماوات والأرض على وحدانيته وقدرته وأنه الخلاق العظيم وأنه خلاق سائر المخلوقات لانتفاء الحوادث عنه الدالة على حدوث من يقوم به وان ذاته وصفاته غير مخلوقة والقرآن صفة له فهو غير مخلوق ولزم من ذلك أن كلما سواه كان عن أمره وفعله وتكوينه وكل ذلك مخلوق له انتهى ولم يعرج على ما أشار إليه البخاري فلله الحمد على ما أنعم (قوله في الحديث فلما كان ثلث الليل الأخير أو بعضه) في رواية الكشميهني أو نصفه بنون ومهملة وفاء وقد تقدم في تفسير آل عمران بهذا السند والمتن لكن لم يذكر فيه هذه اللفظة (قوله باب قوله تعالى ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين) ذكر فيه ستة أحاديث * أولها حديث أبي هريرة ان رحمتي سبقت غضبي وقد تقدم شرحه في باب قوله تعالى ويحذركم الله نفسه وأشار به إلى ترجيح القول بأن الرحمة من صفات الذات لكون الكلمة من صفات الذات فمهما استشكل في إطلاق السبق في صفة الرحمة جاء مثله في صفة الكلمة ومهما أجيب به عن قوله سبقت كلمتنا حصل به الجواب عن قوله سبقت رحمتي وقد غفل عن مراده من قال دل وصف الرحمة بالسبق على انها من صفات الفعل وقد سبق في شرح الحديث قول من قال المراد بالرحمة إرادة إيصال الثواب وبالغضب إرادة إيصال العقوبة فالسبق حينئذ بين متعلقي الإرادة فلا اشكال وقوله في أول الحديث لما قضى الله الخلق أي خلقهم وكل صنعة محكمة متقنة فهي قضاء ومنه قوله تعالى إذا قضى أمرا * الحديث الثاني حديث ابن مسعود حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو
(٣٧٠)