مبدع صور المخترعات ومرتبها بحسب مقتضى الحكمة فالله خالق كل شئ بمعنى انه موجده من أصل ومن غير أصل وبارئه بحسب ما اقتضته الحكمة من غير تفاوت ولا اختلال ومصوره في صورة يترتب عليها خواصه ويتم بها كماله والثلاثة من صفات الفعل الا إذا أريد بالخالق المقدر فيكون من صفات الذات لان مرجع التقدير إلى الإرادة وعلى هذا فالتقدير يقع أولا ثم الاحداث على الوجه المقدر يقع ثانيا ثم التصوير بالتسوية يقع ثالثا انتهى وقال الحليمي الخالق معناه الذي جعل المبدعات أصنافا وجعل لكل صنف منها قدرا والبارئ معناه الموجد لما كان في معلومه واليه الإشارة بقوله من قبل أن نبرأها قال ويحتمل ان المراد به قالب الأعيان لأنه أبدع الماء والتراب والنار والهواء لا من شئ ثم خلق منها الأجسام المختلفة والمصور معناه المهئ للأشياء على ما أراده من تشابه وتخالف وقال الراغب ليس الخلق بمعنى الابداع الا لله والى ذلك أشار إلى بقوله تعالى أفمن يخلق كمن لا يخلق واما الذي يوجد بالاستحالة فقد وقع لغيره بتقديره سبحانه وتعالى مثل قوله لعيسى وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بأذني والخلق في حق غير الله يقع بمعنى التقدير وبمعنى الكذب والبارئ أخص بوصف الله تعالى والبرية الخلق قيل أصله الهمز فهو من برأ وقيل أصله البري من بريت العود وقيل البرية من البري بالقصر وهو التراب فيحتمل ان يكون معناه موجد الخلق من البري وهو التراب والمصور معناه المهئ قال تعالى يصوركم في الأرحام كيف يشاء والصورة في الأصل ما يتميز به الشئ عن غيره ومنه محسوس كصورة الانسان والفرس ومنه معقول كالذي اختص به الانسان من العقل والروية والى كل منهما الإشارة بقوله تعالى خلقناكم ثم صورناكم وصوركم فأحسن صوركم هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء (قوله حدثنا إسحاق) قال أبو علي الجياني هو ابن منصور (قلت) ويؤيد ذلك وإن كان قد يظن أنه ابن راهويه لكونه أيضا روى عن عفان ان ابن راهويه لا يقول الا أخبرنا هنا ثبت في النسخ حدثنا فتأيد انه ابن منصور وقد تقدم شرح حديث أبي سعيد المذكور هنا في العزل في كتاب النكاح مستوفي (قوله وقال مجاهد عن قزعة هو ابن يحيى وهو من رواية الاقران لان مجاهدا وهو ابن جبر المفسر المشهور المكي في طبقة قزعة (قوله سألت أبا سعيد فقال قال النبي صلى الله عليه وسلم) كذا وقع هنا بحذف المسؤول عنه ووقع لغير أبي ذر سمعت بدل سألت وقد وصله مسلم وأصحاب السنن الثلاثة من رواية سفيان بن عيينة عن عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد بلفظ ذكر العزل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ولم يفعل ذلك أحدكم ولم يقل فلا يفعل ذلك ثم ذكر بقية الحديث وهو القدر المذكور منه هنا قال ابن بطال الخالق في هذا الباب يراد به المبدع المنشئ لأعيان المخلوقين وهو معنى لا يشارك الله فيه أحد قال ولم يزل الله مسميا نفسه خالقا على معنى انه سيخلق لاستحالة قدم الخلق وقال الكرماني معنى قوله في الحديث الا وهي مخلوقة أي مقدرة الخلق أو معلومة الخلق عند الله لا بد من ابرازها إلى الوجود والله سبحانه وتعالى اعلم بالصواب (قوله باب قول الله تعالى لما خلقت بيدي) قال ابن بطال في هذه الآية اثبات يدين لله وهما صفتان من صفات ذاته وليستا بجارحتين خلافا للمشبهة من المثبتة وللجهمية من المعطلة ويكفي في الرد على من زعم انهما بمعنى القدرة انهم اجمعوا على أن له قدرة واحدة في قول المثبتة ولا قدرة له في قول النفاة لانهم يقولون إنه قادر لذاته ويدل على أن اليدين
(٣٣١)