ذلك وما قدروا الله حق قدره أي ما عرفوه حق معرفته ولا عظموه حق تعظيمه فهذه الرواية هي الصحيحة المحققة واما من زاد وتصديقا له فليست بشئ فإنها من قول الراوي وهي باطلة لان النبي صلى الله عليه وسلم لا يصدق المحال وهذه الأوصاف في حق الله محال إذ لو كان ذا يد وأصابع وجوارح كان كواحد منا فكان يجب له من الافتقار والحدوث والنقص والعجز ما يجب لنا ولو كان كذلك لاستحال أن يكون الها إذ لو جازت الإلهية لمن هذه صفته لصحت للدجال وهو محال فالمفضي إليه كذب فقول اليهودي كذب ومحال ولذلك أنزل الله في الرد عليه وما قدروا الله حق قدره وانما تعجب النبي صلى الله عليه وسلم من جهله فظن الراوي ان ذلك التعجب تصديق وليس كذلك فان قيل قد صح حديث ان قلوب بني آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن فالجواب انه إذا جاءنا مثل هذا في الكلام الصادق تأولناه أو توقفنا فيه إلى أن يتبين وجهه مع القطع باستحالة ظاهره لضرورة صدق من دلت المعجزة على صدقه وأما إذا جاء على لسان من يجوز عليه الكذب بل على لسان من أخبر الصادق عن نوعه بالكذب والتحريف كذبناه وقبحناه ثم لو سلمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم صرح بتصديقه لم يكن ذلك تصديقا له في المعنى بل في اللفظ الذي نقله من كتابه عن نبيه ونقطع بان ظاهره غير مراد انتهى ملخصا وهذا الذي نحا إليه أخيرا أولى مما ابتدأ به لما فيه من الطعن على ثقات الرواة ورد الاخبار الثابتة ولو كان الامر على خلاف ما فهمه الراوي بالظن للزم منه تقرير النبي صلى الله عليه وسلم على الباطل وسكوته عن الانكار وحاشا لله من ذلك وقد اشتد إنكار ابن خزيمة على من ادعى ان الضحك المذكور كان على سبيل الانكار فقال بعد أن اورد هذا الحديث في كتاب التوحيد من صحيحه بطريقه قد أجل الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم عن أن يوصف ربه بحضرته بما ليس هو من صفاته فيجعل بدل الانكار والغضب على الواصف ضحكا بل لا يوصف النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الوصف من يؤمن بنبوته وقد وقع في الحديث الماضي في الرقاق عن أبي سعيد رفعه تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يتكفؤها الجبار بيده كما يتكفؤ أحدكم خبزته الحديث وفيه ان يهوديا دخل فأخبر بمثل ذلك فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه ثم ضحك (قوله باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لا شخص أغير من الله) كذا لهم ووقع عند ابن بطال بلفظ أحد بدل شخص وكأنه من تغييره (قوله عبد الملك) هو ابن عمير والمغيرة هو ابن شعيبة كما تقدم التنبيه عليه في أواخر الحدود والمحاربين فإنه ساق من الحديث هناك بهذا السند إلى قوله والله أغير مني وتقدم شرح القول المذكور هناك وتقدم الكلام على غيرة الله في شرح حديث ابن مسعود وان الكلام عليه تقدم في شرح حديث أسماء بنت أبي بكر في كتاب الكسوف قال ابن دقيق العيد المنزهون لله اما ساكت عن التأويل واما مؤول والثاني يقول المراد بالغيرة المنع من الشئ والحماية وهما من لوازم الغيرة فأطلقت على سبيل المجاز كالملازمة وغيرها من الأوجه الشائعة في لسان العرب (قوله ولا أحد أحب إليه العذر من الله ومن أجل ذلك بعث المنذرين والمبشرين) يعني الرسل وقد وقع في رواية مسلم بعث المرسلين مبشرين ومنذرين وهي أوضح وله من حديث ابن مسعود ولذلك انزل الكتب والرسل أي وأرسل الرسل قال ابن بطال هو من قوله تعالى وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات فالعذر في هذا الحديث التوبة والإنابة كذا قال وقال
(٣٣٧)