صالح فيهلك من خربه ويخرجهم حتى لا يكون بالدنيا ايمان إلى بأرض اليمن انتهى وقد تقدم في الحج ان البيت يحج بعد خروج يأجوج ومأجوج وتقدم الجمع بينه وبين حديث لا تقوم الساعة حتى لا يحج البيت وان الكعبة يخربها ذو السويقتين من الحبشة فينتظم من ذلك أن الحبشة إذا خربت البيت خرج عليهم القحطاني فأهلكهم وان المؤمنين قبل ذلك يحجون في زمن عيسى بعد خروج يأجوج ومأجوج وهلاكهم وان الريح التي تقبض أرواح المؤمنين تبدأ بمن بقي بعد عيسى ويتأخر أهل اليمن بعدها ويمكن ان يكون هذا مما يفسر به قوله الايمان يمان أي يتأخر الايمان بها بعد فقده من جميع الأرض وقد أخرج مسلم حديث القحطاني عقب حديث تخريب الكعبة ذو السويقتين فلعله رمز إلى هذا وسيأتي في أواخر الاحكام في الكلام على حديث جابر بن سمرة في الخلفاء الاثني عشر شئ يتعلق بالقحطاني وقال الإسماعيلي هنا ليس هذا الحديث من ترجمة الباب في شئ وذكر ابن بطال ان المهلب أجاب بأن وجهه أن القحطاني إذا قام وليس من بيت النبوة ولا من قريش الذين جعل الله فيهم الخلافة فهو من أكبر تغير الزمان وتبديل الاحكام بأن يطاع في الدين من ليس أهلا لذلك انتهى وحاصله انه مطابق لصدر الترجمة وهو تغير الزمان وتغيره أعم من أن يكون فيما يرجع إلى الفسق أو الكفر وغايته ان ينتهى إلى الكفر فقصة القحطاني مطابقة للتغير بالفسق مثلا وقصة ذي الخلصة للتغير بالكفر واستدل بقصة القحطاني عن أن الخلافة يجوز أن تكون في غير قريش وأجاب ابن العربي بأنه انذار بما يكون من الشر في آخر الزمان من تسور العامة على منازل الاستقامة فليس فيه حجة لأنه لا يدل على المدعى ولا يعارض ما ثبت من أن الأئمة من قريش انتهى وسيأتي بسط القول في ذلك في باب الامراء من قريش أول كتاب الأحكام إن شاء الله تعالى (قوله باب خروج النار) أي من أرض الحجاز ذكر فيه ثلاثة أحاديث * الأول (قوله وقال أنس قال النبي صلى الله عليه وسلم أول أشراط الساعة نار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب) وتقدم في أواخر باب الهجرة في قصة إسلام عبد الله بن سلام موصولا من طريق حميد عن أنس ولفظه وأما أول أشراط الساعة فنار تحشرهم من المشرق إلى المغرب ووصله في أحاديث الأنبياء من وجه آخر عن حميد بلفظ نار تحشر الناس والمراد بالأشراط العلامات التي يعقبها قيام الساعة وتقدم في باب الحشر من كتاب الرقاق صفة حشر النار لهم * الحديث الثاني (قوله عن الزهري قال سعيد بن المسيب في رواية أبي نعيم في المستخرج عن سعيد بن المسيب (قوله حتى تخرج نار من أرض الحجاز) قال القرطبي في التذكرة قد خرجت نار بالحجاز بالمدينة وكان بدؤها زلزلة عظيمة في ليلة الأربعاء بعد العتمة الثالث من جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين وستمائة واستمرت إلى ضحى النهار يوم الجمعة فسكنت وظهرت النار بقريظة بطرف الحرة ترى في صورة البلد العظيم عليها سور محيط عليه شراريف وأبراج ومآذن وترى رجال يقودونها لا تمر على جبل الا دكته وأذابته ويخرج من مجموع ذلك مثل النهر أحمر وأزرق له دوي كدوي الرعد يأخذ الصخور بين يديه وينتهى إلى محط الركب العراقي واجتمع من ذلك ردم صار كالجبل العظيم فانتهت النار إلى قرب المدينة ومع ذلك فكان يأتي المدينة نسيم بارد وشوهد لهذه النار غليان كغليان البحر وقال لي بعض أصحابنا رأيتها صاعدة في الهواء من نحو خمسة أيام وسمعت انها رؤيت من مكة ومن جبال بصرى وقال
(٦٨)