وسلم أمرهم بان يقولوا التحيات لله امتثالا لأمر ربه قل أعوذ برب الناس ملك الناس ووصفه بأنه ملك الناس يحتمل وجهين أحدهما ان يكون بمعنى القدرة فيكون صفة ذات وأن يكون بمعنى القهر والصرف عما يريدون فيكون صفة فعل قال وفي الحديث اثبات اليمين صفة لله تعالى من صفات ذاته وليست خارجة خلافا للمجسمة انتهى ملخصا والكلام على اليمين يأتي في الباب المشار إليه ولم يعرج على التوفيق بين الحديث والترجمة والذي يظهر لي انه أشار إلى ما قاله شيخه نعيم بن حماد الخزاعي قال ابن أبي حاتم في كتاب الرد على الجهمية وجدت في كتاب أبي عمر نعيم بن حماد قال يقال للجهمية أخبرونا عن قول الله تعالى بعد فناء خلقه لمن الملك اليوم فلا يجيبه أحد فيرد على نفسه لله الواحد القهار وذلك بعد انقطاع ألفاظ خلقه بموتهم أفهذا مخلوق انتهى وأشار بذلك إلى الرد على من زعم أن الله يخلق كلاما فيسمعه من شاء بان الوقت الذي يقول فيه لمن الملك اليوم لا يبقى حينئذ مخلوق حيا فيجيب نفسه فيقول لله الواحد القهار فثبت انه يتكلم بذلك وكلامه صفة من صفات ذاته فهو غير مخلوق وعن أحمد بن سلمة عن إسحاق بن راهويه قال صح ان الله يقول بعد فناء خلقه لمن الملك اليوم فلا يجيبه أحد فيقول لنفسه لله الواحد القهار قال ووجدت في كتاب عند أبي عن هشام بن عبيد الله الرازي قال إذا مات الخلق ولم يبق الا الله وقال لمن الملك اليوم فلا يجيبه أحد فيرد على نفسه فيقول لله الواحد القهار قال فلا يشك أحدا ان هذا كلام الله وليس بوحي إلى أحد لأنه لم تبقى نفس فيها روح الا وقد ذاقت الموت والله هو القائل وهو المجيب لنفسه (قلت) وفي حديث الصور الطويل الذي تقدمت الإشارة إليه في أواخر كتاب الرقاق في صفة الحشر فإذا لم يبق الا الله كان آخرا كما كان أولا طوى السماء والأرض ثم دحاها ثم تلقفهما ثم قال أنا الجبار ثلاثا ثم قال لمن الملك اليوم ثلاثا ثم قال لنفسه لله الواحد القهار قال الطبري في قوله تعالى يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شئ لمن الملك اليوم يعني يقول الله لمن الملك فترك ذكر ذلك استغناء لدلالة الكلام عليه قال وقوله لله الواحد القهار ذكر ان الرب جل جلاله هو القائل ذلك مجيبا لنفسه ثم ذكر الرواية بذلك من حديث أبي هريرة الذي أشرت إليه وبالله التوفيق (قوله باب قول الله تعالى وهو العزيز الحكيم سبحان ربك رب العزة عما يصفون ولله العزة ولرسوله) اما الآية الأولى فوقعت في عدة سور وتكررت في بعضها وأول موضع وقع فيه وهو العزيز الحكيم في سورة إبراهيم واما مطلق العزيز الحكيم فأول ما وقع في البقرة في دعاء إبراهيم عليه السلام لأهل مكة ربنا وابعث فيهم رسولا منهم الآية وآخرها انك أنت العزيز الحكيم وتكرر العزيز الحكيم وعزيز حكيم بغير لام فيهما في عدة من السور واما الآية الثانية ففي إضافة العزة إلى الربوبية إشارة إلى أن المراد بها هنا القهر والغلبة ويحتمل أن تكون الإضافة للاختصاص كأنه قيل ذو العزة وانها من صفات الذات ويحتمل ان يكون المراد بالعزة هنا العزة الكائنة بين الخلق وهي مخلوقة فيكون من صفات الفعل فالرب على هذا بمعنى الخالق والتعريف في العزة للجنس فإذا كانت العزة كلها لله فلا يصح ان يكون أحد معتزا الا به ولا عزة لاحد الا وهو مالكها واما الآية الثالثة فيعرف حكمها من الثانية وهي بمعنى الغلبة لأنها جاءت جوابا لمن ادعى انه الأعز وان ضده الأذل فيرد عليه بأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين فهو كقوله كتب الله لأغلبن انا ورسلي ان الله قوي عزيز
(٣١٢)