الماضية في كتاب العلم ورجل آتاه الله الحكمة وقد مضى شرحه مستوفى هناك وان المراد بالحكمة القرآن كما في حديث ابن عمر أو أعم من ذلك وضابطها ما منع الجهل وزجر عن القبح قال ابن المنير المراد بالحسد هنا الغبطة وليس المراد بالنفي حقيقته والا لزم الخلف لان الناس حسدوا في غير هاتين الخصلتين وغبطوا من فيه سواهما فليس هو خبرا وانما المراد به الحكم ومعناه حصر المرتبة لعليا من الغبطة في هاتين الخصلتين فكأنه قال هما آكد القربات التي يغبط بها وليس المراد نفي أصل الغبطة مما سواهما فيكون من مجاز التخصيص أي لا غبطة كاملة التأكيد لتأكيد أجر متعلقها إلى الغبطة بهاتين الخصلتين وقال الكرماني الخصلتان المذكورتان هنا غبطة لا حسد لكن قد يطلق أحدهما على الاخر أو المعنى لا حسد الا فيهما وما فيهما ليس بحسد فلا حسد فهو كما قيل في قوله تعالى لا يذوقون فيها الموت الا الموتة الأولى وفي الحديث الترغيب في ولاية القضاء لمن استجمع شروطه وقوي على أعمال الحق ووجد له أعوانا لما فيه من الامر بالمعروف ونصر المظلوم وأداء الحق لمستحقه وكف يد الظالم والاصلاح بين الناس وكل ذلك من القربات ولذلك تولاه الأنبياء ومن بعدهم من الخلفاء الراشدين ومن ثم اتفقوا على أنه من فروض الكفاية لان أمر الناس لا يستقيم بدونه فقد أخرج البيهقي بسند قوي أن أبا بكر لما ولى الخلافة ولى عمر القضاء وبسند آخر قوى ان عمر استعمل عبد الله بن مسعود على القضاء وكتب عمر إلى عماله استعملوا صالحيكم على القضاء وأكفوهم وبسند آخر لين ان معاوية سأل أبا الدرداء وكان يقضي بدمشق من لهذا الامر بعدك قال فضالة بن عبيد وهؤلاء من أكابر الصحابة وفضلائهم وانما فر منه من فر خشية العجز عنه وعند عدم المعين عليه وقد يتعارض الامر حيث يقع تولية من يشتد به الفساد إذا امتنع المصلح والله المستعان وهذا حيث يكون هناك غيره ومن ثم كان السلف يمتنعون منه ويفرون إذا طلبوا له واختلفوا هل يستحب لمن استجمع شرائطه وقوي عليه أولا والثاني قول الأكثر لما فيه من الخطر والغرر ولما ورد فيه من التشديد وقال بعضهم إن كان من أهل العلم وكان خاملا بحيث لا يحمل عنه العلم أو كان محتاجا وللقاضي رزق من جهة ليس بحرام استحب له ليرجع إليه في الحكم بالحق وينتفع بعلمه وإن كان مشهورا فالأولى له الاقبال على العلم والفتوى واما ان لم يكن في البلد من يقوم مقامه فإنه يتعين عليه لكونه من فروض الكفاية لا يقدر على القيام به غيره فيتعين عليه وعن أحمد لا يأثم لأنه لا يجب عليه إذا أضر به نفع غيره ولا سيما من لا يمكنه عمل الحق لانتشار الظلم * (قوله باب السمع والطاعة للامام ما لم تكن معصية) انما قيده بالامام وإن كان في أحاديث الباب الامر بالطاعة لكل أمير ولو لم يكن إماما لان محل الامر بطاعة الأمير ان يكون مؤمرا من قبل الامام وذكر فيه أربعة أحاديث * الأول (قوله عن أبي التياح) بمثناة مفتوحة وتحتانية مشددة وآخره مهملة وهو يزيد بن حميد الضبعي وتقدم في الصلاة من وجه آخر التصريح بقول شعبة حدثني أبو التياح (قوله اسمعوا وأطيعوا وان استعمل) بضم المثناة على البناء للمجهول أي جعل عاملا بأن أمر امارة عامة على البلد مثلا أو ولي فيها ولاية خاصة كالإمامة في الصلاة أو جباية الخراج أو مباشرة الحرب فقد كان في زمن الخلفاء الراشدين من يجتمع له الأمور الثلاثة ومن يختص ببعضها (قوله حبشي) بفتح المهملة والموحدة بعدها معجمة منسوب إلى
(١٠٨)