فيه حديث زيد بن ثابت في قصته مع أبي بكر وعمر في جمع القرآن وقد تقدم شرحه مستوفى في فضائل القرآن والغرض منه قول أبي بكر لزيد انك رجل شاب عاقل لا نتهمك وقوله في آخره قال محمد بن عبيد الله بالتصغير وهو شيخ البخاري الذي روى عنه هذا الحديث فسر اللخاف التي ذكرت في هذا الحديث وهي بكسر اللام وتخفيف الخاء المعجمة بالخزف وهي بفتح الخاء المعجمة والزاي بعدها فاء وقد تقدم بيان الاختلاف في تفسيرها هناك وحكى ابن بطال عن المهلب في هذا الحديث ان العقل أصل الخلال المحمودة لأنه لم يصف زيدا بأكثر من العقل وجعله سببا لائتمانه ورفع التهمة عنه (قلت) وليس كما قال فان أبا بكر ذكر عقب الوصف المذكور وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فمن ثم اكتفى بوصفه بالعقل لأنه لو لم تثبت أمانته وكفايته وعقله لما استكتبه النبي صلى الله عليه وسلم الوحي وانما وصفه بالعقل وعدم الاتهام دون ما عداهما إشارة إلى استمرار ذلك له والا فمجرد قوله لا نتهمك مع قوله عاقل لا يكفي في ثبوت الكفاية والأمانة فكم من بارع في العقل والمعرفة وجدت منه الخيانة قال وفيه اتخاذ الكاتب للسلطان والقاضي وان من سبق له علم بأمر يكون أولى به من غيره إذا وقع وعند البيهقي بسند حسن عن عبد الله بن الزبير ان النبي صلى الله عليه وسلم استكتب عبد الله بن الأرقم فكان يكتب له إلى الملوك فبلغ من أمانته عنده انه كان يأمره ان يكتب ويختم ولا يقرؤه ثم استكتب زيد بن ثابت فكان يكتب الوحي ويكتب إلى الملوك وكان إذا غابا كتب جعفر بن أبي طالب وكتب له أيضا أحيانا جماعة من الصحابة ومن طريق عياض الأشعري عن أبي موسى انه استكتب نصرانيا فانتهره عمر وقرأ يا أيها الذي آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء الآية فقال أبو موسى والله ما توليته وانما كان يكتب فقال اما وجدت في أهل الاسلام من يكتب لا تدنهم إذ أقصاهم الله ولا تأتمنهم إذ خونهم الله ولا تعزهم بعد أن ذلهم الله * (قوله باب كتاب الحاكم إلى عماله) بضم العين وتشديد الميم جمع عامل وهو الوالي على بلد مثلا لجمع خراجها أو زكواتها أو الصلاة بأهلها أو التأمير على جهاد عدوها (قوله والقاضي إلى أمنائه) أي الذين يقيمهم في ضبط أمور الناس ذكر فيه حديث سهل بن أبي حثمة في قصة عبد الله بن سهل وقتله بخيبر وقيام حويصة ومن معه في ذلك والغرض منه قوله فيه فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم أي إلى أهل خيبر به أي بالخبر الذي نقل إليه وقد تقدم بيانه مع شرح الحديث في باب القسامة وقوله هنا فكتب ما قتلناه في رواية الكشميهني فكتبوا بصيغة الجمع وهو أولى ووجه الكرماني الأول بأن المراد به الحي المسمى باليهود قال وفيه تكلف (قلت) وأقرب منه ان يراد الكاتب عنهم لان الذي يباشر الكتابة انما هو واحد فالتقدير فكتب كاتبهم قال ابن المنير ليس في الحديث انه صلى الله عليه وسلم كتب إلى نائبه ولا إلى أمينه وانما كتب إلى الخصوم أنفسهم لكن يؤخذ من مشروعية مكاتبة الخصوم والبناء على ذلك جواز مكاتبة النواب والكتاب في حق غيرهم بطريق الأولى
(١٦٠)