صلى الله عليه وسلم وقال في قوله تعالى ولا يلقاها الا الصابرون أي لا يوفق لها ولا يلقنها ولا يرزقها وحاصله انها تأتي بالمعاني الثلاثة وانها هنا صالحة لكل منها وأصله اللقاء وهو استقبال الشئ ومصادفته * الحديث الأول (قوله حدثنا إسحاق) هو ابن منصور وتردد أبو علي الجياني بينه وبين إسحاق بن راهويه وانما جزمت به لقوله حدثنا عبد الصمد فان إسحاق لا يقول الا أخبرنا وقد تقدم في الحديث الثاني من باب ما يكره من كثرة السؤال في كتاب الاعتصام نحو هذا وعبد الصمد هو ابن عبد الوارث وقد تقدم في هذا السند في كتاب الطهارة حديث آخر وقد جزم أبو نعيم في المستخرج بان إسحاق المذكور فيه هو ابن منصور وتكلمت على سنده هناك وهو في باب الماء الذي يغسل به شعر الانسان (قوله إن الله قد أحب فلانا) كذا هنا بصيغة الفعل الماضي وفي رواية نافع عن أبي هريرة الماضية في الأدب ان الله يحب فلانا بصيغة المضارعة وفي الأول إشارة إلى سبق المحبة على النداء وفي الثاني إشارة إلى استمرار ذلك وقد تقدمت مباحثه في كتاب الأدب قال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة في تعبيره عن كثرة الاحسان بالحب تأنيس العباد وإدخال المسرة عليهم لان العبد إذا سمع عن مولاه انه يحبه حصل على أعلى السرور عنده وتحقق بكل خير ثم قال وهذا انما يتأتى لمن في طبعه فتوة ومروءة وحسن إنابة كما قال تعالى وما يتذكر الا من ينيب وأما من في نفسه رعونة وله شهوة غالبة فلا يرده الا الزجر بالتعنيف والضرب قال وفي تقديم الامر بذلك لجبريل قبل غيره من الملائكة إظهار لرفيع منزلته عند الله تعالى على غيره منهم قال ويؤخذ من هذا الحديث الحث على توفية أعمال البر على اختلاف أنواعها فرضها وسنتها ويؤخذ منه أيضا كثرة التحذير عن المعاصي والبدع لأنها مظنة السخط وبالله التوفيق * الحديث الثاني حديث أبي هريرة يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل الحديث وقد تقدم شرحه في أوائل كتاب الصلاة والمراد منه قوله فيه فيسألهم وهو أعلم بهم أي من الملائكة وليس في رواية مالك المذكورة هنا التصريح بتسمية الذي يسأل ووقع التصريح به في بعض طرقه في الصلاة بلفظ فيسألهم ربهم وهي من رواية مالك أيضا والمشهور عند جمهور رواة مالك حذفها ووقع عند ابن خزيمة من طريق أبي صالح عن أبي هريرة فيسألهم ربهم وقد ذكرت لفظه هناك وتقدم القول في العروج في باب تعرج الملائكة والروح إليه قريبا * الحديث الثالث حديث أبي ذر (قوله عن واصل) هو المعروف بالأحدب والمعرور بمهملات (قوله أتاني جبريل فبشرني) هو طرف من حديث تقدم بتمامه مشروحا في كتاب الرقاق (قوله وان سرق وان زنى) في رواية الكشميهني وان سرق وزنا في الموضعين وفي مناسبته للترجمة غموض وكأنه من جهة ان جبريل انما يبشر النبي صلى الله عليه وسلم بأمر يتلقاه عن ربه عز وجل فكأن الله سبحانه قال له بشر محمدا بان من مات من أمته لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة فبشره بذلك (قوله باب قوله أنزله بعلمه والملائكة يشهدون) كذا للجميع ونقل في تفسير الطبري أنزله إليك بعلم منه انك خيرته من خلقه قال ابن بطال المراد بالانزال افهام العباد معاني الفروض التي في القرآن وليس انزاله له كإنزال الأجسام المخلوقة لان القرآن ليس بجسم ولا مخلوق انتهى والكلام الثاني متفق عليه بين أهل السنة سلفا وخلفا وأما الأول فهو على طريقة أهل التأويل والمنقول عن السلف اتفاقهم على أن القرآن كلام الله غير مخلوق تلقاه جبريل عن الله وبلغه جبريل إلى محمد عليه الصلاة والسلام وبلغه صلى الله
(٣٨٧)