ولا نقصها ولكنه أمر قد غيب عنه وقد تقدم في كتاب الفتن ما يدل على ذم ذلك في حديث أبي هريرة لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل يقول يا ليتني مكانه وليس به الدين الا البلاء وقد تقدم شرح ذلك مستوفى في باب تمني المريض الموت من كتاب المرضى قال النووي في الحديث التصريح بكراهة تمني الموت لضر نزل به من فاقة أو محنة بعدو ونحوه من مشاق الدنيا فاما إذا خاف ضررا أو فتنة في دينه فلا كراهة فيه لمفهوم هذا الحديث وقد فعله خلائق من السلف لذلك وفيه ان من خالف فلم يصبر على الضر وتمنى الموت لضر نزل به فليقل الدعاء المذكور (قلت) ظاهر الحديث المنع مطلقا والاقتصار على الدعاء مطلقا لكن الذي قاله الشيخ لا بأس به لمن وقع منه التمني ليكون عونا له على ترك التمني (قوله اما محسنا فلعله يزداد واما مسيئا فلعله يستعتب) كذا لهم بالنصب فيهما وهو على تقدير عامل نصب نحو يكون ووقع في رواية أحمد عن عبد الرزاق بالرفع فيهما وكذا في رواية إبراهيم بن سعد المذكورة وهي واضحة وقوله يستعتب أي يسترضي الله بالاقلاع والاستغفار والاستعتاب طلب الأعتاب والهمزة للإزالة أي يطلب إزالة العتاب عاتبه لامه واعتبه أزال عتابه قال الكرماني وهو مما جاء على غير القياس إذ الاستفعال انما ينبني من الثلاثي لا من المزيد فيه انتهى وظاهر الحديث انحصار حال المكلف في هاتين الحالتين وبقي قسم ثالث وهو أن يكون مخلطا فيستمر على ذلك أو يزيد احسانا أو يزيد إساءة أو يكون محسنا فينقلب مسيئا أو يكون مسيئا فيزداد إساءة والجواب ان ذلك خرج مخرج الغالب لان غالب حال المؤمنين ذلك ولا سيما والمخاطب بذلك شفاها الصحابة وقد تقدم بيان ذلك مبسوطا مع شرحه هناك وقد خطر لي في معنى الحديث ان فيه إشارة إلى تغبيط المحسن بإحسانه وتحذير المسئ من إساءته فكأنه يقول من كان محسنا فليترك تمني الموت وليستمر على إحسانه والازدياد منه ومن كان مسيئا فليترك تمني الموت وليقلع عن الإساءة لئلا يموت على إساءته فيكون على خطر واما من عدا ذلك ممن تضمنه التقسيم فيؤخذ حكمه من هاتين الحالتين إذ لا انفكاك عن أحدهما والله أعلم * (تنبيه) * اورد البخاري في كتاب الأدب في هذه الترجمة حديث أبي هريرة رفعه إذا تمنى أحدكم فلينظر ما يتمنى فإنه لا يدرى ما يعطى وهو عنده من رواية عمر بن أبي سلمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة وليس على شرطه فلم يعرج عليه في الصحيح (قوله باب قول الرجل) كذا للأكثر وللمستملي والسرخسي قول النبي صلى الله عليه وسلم (قوله لولا أنت ما اهتدينا) إشارة إلى رواية مختصرة أوردها في باب حفر الخندق في أوائل الجهاد من وجه آخر عن شعبة بلفظ كان النبي صلى الله عليه وسلم ينقل ويقول لولا أنت ما اهتدينا وأورده في غزوة الخندق من وجه آخر عن شعبة أتم سياقا وقوله هنا لولا أنت ما اهتدينا وفي بعضها لولا الله هكذا وقع بحذف بعض الجزء الأول ويسمى الخرم بالخاء المعجمة والراء الساكنة وتقدم في غزوة الخندق من وجه آخر عن شعبة بلفظ والله لولا الله ما اهتدينا وهو موافق للفظ الترجمة ومن وجه آخر عن أبي إسحاق اللهم لولا أنت ما اهتدينا وفي أول هذا الجزء زيادة سبب خفيف وهو الخزم بالزاي وتقدمت الإشارة إلى هذا في كتاب الأدب والرواية الوسطى سالمة من الخرم والخزم معا وقوله هنا أن الأولى وربما قال إن الملا قد بغوا علينا تقدم في غزوة الخندق ان الأولى قد بغوا علينا ولم يتردد والأولى بهمزة مضموما غير ممدودة واللام بعدها مفتوحة وهي بمعنى الذين وانما يتزن بلفظ الذين
(١٩٠)