ابن التين يعني يقرب من رحمته وهو سائغ في اللغة يقال فلان قريب من فلان ويراد الرتبة ومثله ان رحمت الله قريب من المحسنين وقوله فيضع كنفه (2) بفتح الكاف والنون بعدها فاء المراد بالكنف الستر وقد جاء مفسرا بذلك في رواية عبد الله بن المبارك عن محمد بن سواء عن قتادة فقال في آخر الحديث قال عبد الله بن المبارك كنفه ستره أخرجه المصنف في كتاب خلق أفعال العباد والمعنى أنه تحيط به عنايته التامة ومن رواه بالمثناة المكسورة فقد صحف على ما جزم به جمع من العلماء (قوله وقال آدم حدثنا شيبان) وهو ابن عبد الرحمن إلى آخره ذكر هذه الرواية لتصريح قتادة فيها بقوله حدثنا صفوان وهكذا ذكره عن آدم في كتاب خلق أفعال العباد * (تنبيهان) * أحدهما ليس في أحاديث الباب كلام الرب مع الأنبياء الا في حديث أنس وسائر أحاديث الباب في كلام الرب مع غير الأنبياء وإذا ثبت كلامه مع غير الأنبياء فوقوعه للأنبياء بطريق الأولى * الثاني تقدم في الحديث الأول ما يتعلق بالترجمة وأما الثاني فيختص بالركن الثاني من الترجمة وهو قوله وغيرهم وأما سائرها فهو شامل للأنبياء ولغير الأنبياء على وفق الترجمة (قوله باب ما جاء في قوله عز وجل وكلم الله موسى تكليما) كذا لأبي زيد المروزي ومثله لأبي ذر لكن بحذف لفظ قوله عز وجل ولغيرهما باب قوله تعالى وكلم الله موسى تكليما قال الأئمة هذه الآية أقوى ما ورد في الرد على المعتزلة قال النحاس أجمع النحويون على أن الفعل إذا أكد بالمصدر لم يكن مجازا فإذا قال تكليما وجب ان يكون كلاما على الحقيقة التي تعقل وأجاب بعضهم بأنه كلام على الحقيقة لكن محل الخلاف هل سمعه موسى من الله تعالى حقيقة أو من الشجرة فالتأكيد رفع المجاز عن كونه غير كلام اما المتكلم به فمسكوت عنه ورد بأنه لا بد من مراعاة المحدث عنه فهو لرفع المجاز عن النسبة لأنه قد نسب الكلام فيها إلى الله فهو المتكلم حقيقة ويؤكده قوله في سورة الأعراف اني اصطفيتك عن الناس برسالاتي وبكلامي وأجمع السلف والخلف من أهل السنة وغيرهم على أن كلم هنا من الكلام ونقل الكشاف عن بدع بعض التفاسير انه من الكلم بمعنى الجرح وهو مردود بالاجماع المذكور قال ابن التين اختلف المتكلمون في سماع كلام الله فقال الأشعري كلام الله القائم بذاته يسمع عند تلاوة كل تال وقراءة كل قارئ وقال الباقلاني انما تسمع التلاوة دون المتلو والقراءة دون المقروء وتقدم في باب يريدون ان يبدلوا كلام الله شئ من هذا وأورد البخاري في كتاب خلق أفعال العباد ان خالد بن عبد الله القسري قال إني مضحى بالجعد بن درهم فإنه يزعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا ولم يكلم موسى تكليما وتقدم في أول التوحيد أن سلم بن أحوز قتل جهم بن صفوان لأنه أنكر ان الله كلم موسى تكليما ثم ذكر فيه ثلاثة أحاديث * أحدها حديث أبي هريرة احتج آدم وموسى وقد مضى شرحه في كتاب القدر والمراد منه قوله أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وكلامه وللكشميهني وبكلامه * ثانيها حديث أنس في الشفاعة أورد منه طرفا من أوله إلى قوله في ذكر آدم ويذكر لهم خطيئته التي أصاب وقد مضى شرحه مستوفى في كتاب الرقاق قال الإسماعيلي أراد ذكر موسى قالوا له وكلمك الله فلم يذكره (قلت) جرى على عادته في الإشارة وقد مضى في تفسير البقرة عن مسلم بن إبراهيم شيخه هنا وساقه فيه بطوله وفيه ائتوا موسى عبدا كلمه الله وأعطاه التوراة الحديث ومضى أيضا في كتاب التوحيد هذا في باب قول الله تعالى لما خلقت بيدي عن معاذ بن فضالة عن هشام بهذا السند
(٣٩٨)