ثلاثة أيام وفي سيرة ابن إسحاق انه تأخر خمسة عشر يوما وسيأتي البحث في شئ منه بعد أربعة أبواب إن شاء الله تعالى (قوله باب الاقتداء بأفعال النبي صلى الله عليه وسلم) الأصل فيه قوله تعالى لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة وقد ذهب جمع إلى وجوبه لدخوله في عموم الامر بقوله تعالى وما آتاكم الرسول فخذوه وبقوله فاتبعوني يحببكم الله وبقوله تعالى فاتبعوه فيجب اتباعه في فعله كما يجب في قوله حتى يقوم دليل على الندب أو الخصوصية وقال آخرون يحتمل الوجوب والندب والإباحة فيحتاج إلى القرينة والجمهور للندب إذا ظهر وجه القربة وقيل ولو لم يظهر ومنهم من فصل بين التكرار وعدمه وقال آخرون ما يفعله صلى الله عليه وسلم إن كان بيانا لمجمل فحكمه حكم ذلك المجمل وجوبا أو ندبا أو إباحة فان ظهر وجه القربة فللندب وما لم يظهر فيه وجه التقرب فللإباحة واما تقريره على ما يفعل بحضرته فيدل على الجواز والمسئلة مبسوطة في أصول الفقه ويتعلق بها تعارض قوله وفعله ويتفرع من ذلك حكم الخصائص وقد أفردت بالتصنيف ولشيخ شيوخنا الحافظ صلاح الدين العلائي فيه مصنف جليل وحاصل ما ذكر فيه ثلاثة أقوال أحدها يقدم القول لان له صيغة تتضمن المعاني بخلاف الفعل ثانيها الفعل لأنه لا يطرقه من الاحتمال ما يطرق القول ثالثها يفزع إلى الترجيح وكل ذلك محله ما لم تقم قرينة تدل على الخصوصية وذهب الجمهور إلى الأول والحجة له ان القول يعبر به عن المحسوس والمعقول بخلاف الفعل فيختص بالمحسوس فكان القول أتم وبأن القول متفق على أنه دليل بخلاف الفعل ولان القول يدل بنفسه بخلاف الفعل فيحتاج إلى واسطة وبأن تقديم الفعل يفضي إلى ترك العمل بالقول والعمل بالقول يمكن معه العمل بما دل عليه الفعل فكان القول أرجح بهذه الاعتبارات (قوله حدثنا سفيان) هو الثوري كما جزم به المزي (قوله عن ابن عمر) في رواية الإسماعيلي من وجه آخر عن أبي نعيم بسنده سمعت ابن عمر (قوله فاتخذ الناس خواتيم من ذهب) وفيه فنبذه وقال اني لم ألبسه ابدا فنبذ الناس خواتيمهم اقتصر على هذا المثال لاشتماله على تأسيهم به في الفعل والترك وقد تقدم شرح ما يتعلق بخاتم الذهب في كتاب اللباس قال ابن بطال بعد أن حكى الاختلاف في أفعاله عليه الصلاة والسلام محتجا لمن قال بالوجوب بحديث الباب لأنه خلع خاتمه فخلعوا خواتمهم ونزع نعله في الصلاة فنزعوا ولما أمرهم عام الحديبية بالتحلل وتأخروا عن المبادرة رجاء ان يأذن لهم في القتال وان ينصروا فيكملوا عمرتهم قالت له أم سلمة أخرج إليهم واحلق واذبح ففعل فتابعوه مسرعين فدل ذلك على أن الفعل أبلغ من القول ولما نهاهم عن الوصال قالوا انك تواصل فقال اني أطعم واسقي فلولا ان لهم الاقتداء به لقال وما في مواصلتي ما يبيح لكم الوصال لكنه عدل عن ذلك وبين لهم وجه اختصاصه بالمواصلة انتهى وليس في جميع ما ذكره ما يدل على المدعى من الوجوب بل على مطلق التأسي به والعلم عند الله تعالى (قوله باب ما يكره من التعمق والتنازع) زاد غير أبي ذر في العلم وهو يتعلق بالتنازع والتعمق معا كما أن قوله والغلو في الدين والبدع يتناولهما وقوله لقول الله تعالى يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله الا الحق صدر الآية يتعلق بفروع الدين وهي المعبر عنه في الترجمة بالعلم وما بعده يتعلق بأصوله فاما التعمق فهو بالمهملة وبتشديد الميم ثم قاف ومعناه التشديد في الامر حتى يتجاوز الحد فيه وقد وقع شرحه في الكلام
(٢٣٣)