(قوله عند الخامسة) هذا التنصيص على الخامسة على انها الأخيرة يخالف من رواية ثابت عن أنس أنه وضع عنه في كل مرة خمسا وأن المراجعة كانت تسع مرات وقد تقدم بيان الحكمة في ذلك ورجوع النبي صلى الله عليه وسلم بعد تقرير الخمس لطلب التخفيف مما وقع من تفردات شريك في هذه القصة والمحفوظ ما تقدم انه صلى الله عليه وسلم قال لموسى في الأخيرة استحييت من ربي وهذا أصرح بأنه راجع في الأخيرة وان الجبار سبحانه وتعالى قال له يا محمد قال لبيك وسعديك قال إنه لا يبدل القول لدي وقد أنكر ذلك الداودي فيما نقله ابن التين فقال الرجوع الأخير ليس بثابت والذي في الروايات أنه قال استحييت من ربي فنودي أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي وقوله هنا فقال موسى ارجع إلى ربك قال الداودي كذا وقع في هذه الرواية ان موسى قال له ارجع إلى ربك بعد أن قال لا يبدل القول لدي ولا يثبت لتواطئ الروايات على خلافه وما كان موسى ليأمره بالرجوع بعد أن يقول الله تعالى له ذلك انتهى وأغفل الكرماني رواية ثابت فقال إذا خففت في كل مرة عشرة كانت الأخيرة سادسة فيمكن ان يقال ليس فيه حصر لجواز ان يخفف بمرة واحدة خمس عشرة أو أقل أو أكثر (قوله لا يبدل القول لدي) تمسك به من أنكر النسخ ورد بأن النسخ بيان انتهاء الحكم فلا يلزم منه تبديل القول (قوله في الأخيرة قد والله راودت الخ) راودت يتعلق بقد والقسم مقحم بينهما لإرادة التأكيد فقد تقدم بلفظ والله لقد راودت بني إسرائيل (قوله قال فاهبط باسم الله) ظاهر السياق ان موسى هو الذي قال له ذلك لأنه ذكره عقب قوله صلى الله عليه وسلم قد والله استحييت من ربي مما اختلف إليه قال فاهبط وليس كذلك بل الذي قال له فاهبط باسم الله هو جبريل وبذلك جزم الداودي (قوله فاستيقظ (2) وهو في المسجد الحرام) قال القرطبي يحتمل أن يكون استيقاظا من نومة نامها بعد الاسراء لان اسراءه لم يكن طول ليلته وانما كان في بعضها ويحتمل ان يكون المعنى أفقت مما كنت فيه مما خامر باطنه من مشاهدة الملا الاعلى لقوله تعالى لقد رأى من آيات ربه الكبرى فلم يرجع إلى حال بشريته صلى الله عليه وسلم الا وهو بالمسجد الحرام وأما قوله في أوله بينا انا نائم فمراده في أول القصة وذلك أنه كان قد ابتدأ نومه فأتاه الملك فأيقظه وفي قوله في الرواية الأخرى بينا انا بين النائم واليقظان أتاني الملك إشارة إلى أنه لم يكن استحكم في نومه انتهى وهذا كله ينبني على توحد القصة والا فمتى حملت على التعدد بأن كان المعراج مرة في المنام وأخرى في اليقظة فلا يحتاج لذلك * (تنبيه) * قيل اختص موسى عليه السلام بهذا دون غيره ممن لقيه النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الاسراء من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لأنه أول من تلقاه عند الهبوط ولان أمته أكثر من أمة غيره ولان كتابه أكبر الكتب المنزلة قبل القرآن تشريعا وأحكاما أو لان أمة موسى كانوا كلفوا من الصلوات ما ثقل عليهم فخاف موسى على أمة محمد مثل ذلك واليه الإشارة بقوله فاني بلوت بني إسرائيل قاله القرطبي وأما قول من قال إنه أول من لاقاه بعد الهبوط فليس بصحيح لان حديث مالك بن صعصعة أقوى من هذا وفيه أنه لقيه في السماء السادسة انتهى وإذا جمعنا بينهما بأنه لقيه في الصعود في السادسة وصعد موسى إلى السابعة فلقيه فيها بعد الهبوط ارتفع الاشكال وبطل الرد المذكور والله أعلم (قوله باب كلام الرب مع أهل الجنة) أي بعد دخولهم الجنة ذكر فيه حديثين ظاهرين فيما ترجم له * أحدهما حديث أبي سعيد ان الله يقول
(٤٠٦)