الجراح * الحديث الخامس حديث أبي موسى وهو بإسناد من حمل علينا السلاح (قوله إذا مر أحدكم الخ) فيه ان الحكم عام في جميع المكلفين بخلاف حديث جابر فإنه واقعة حال لا تستلزم التعميم وقوله فليقبض بكفه أي على النصال وليس المراد خصوص ذلك بل يحرص على أن لا يصيب مسلما بوجه من الوجوه كما دل عليه التعليل بقوله ان يصيب أحدا من المسلمين منها بشئ وقوله إن يصيب بها بفتح ان والتقدير كراهية ووقع في رواية مسلم لئلا يصيب بها وهو يؤيد مذهب الكوفيين في تقدير المحذوف في مثله وزاد مسلم في آخر الحديث سددنا بعضنا إلى وجوه بعض وهي بالسين المهملة أي قومناها إلى وجوههم وهي كناية عما وقع من قتال بعضهم بعضا في تلك الحروب الواقعة في الجمل وصفين وفي هذين الحديثين تحريم قتال المسلم وقتله وتغليظ الامر فيه وتحريم تعاطي الأسباب المفضية إلى أذيته بكل وجه وفيه حجة للقول بسد الذرائع * (قوله باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لا ترجعوا بعدي كفارا الخ) ترجم بلفظ ثالث أحاديث الباب وفيه خمسة أحاديث الحديث الأول (قوله حدثنا عمر بن حفص) هو ابن غياث وشقيق هو أبو وائل والسند كله كوفيون (قوله سباب) بكسر المهملة وموحدتين وتخفيف مصدر يقال سبه يسبه سبا وسبابا وهذا المتن قد تقدم في كتاب الايمان أول الكتاب من وجه آخر عن أبي وائل وفيه بيان الاختلاف في رفعه ووقفه وتقدم توجيه إطلاق الكفر على قتال المؤمن وان أقوى ما قيل في ذلك أنه اطلق عليه مبالغة في التحذير من ذلك لينزجر السامع عن الاقدام عليه أو انه على سبيل التشبيه لان ذلك فعل الكافر كما ذكروا نظيره في الحديث الذي بعده وورد لهذا الحديث سبب أخرجه البغوي والطبراني من طريق أبي خالد الوالبي عن عمرو بن النعمان بن مقرن المزني قال انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مجلس من مجالس الأنصار ورجل من الأنصار كان عرف بالبذاء ومشاتمة الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سباب المسلم فسوق وقتاله كفر زاد البغوي في روايته فقال ذلك الرجل والله لا أساب رجلا * الحديث الثاني (قوله واقد بن محمد) أي ابن زيد بن عبد الله بن عمر (قوله لا ترجعون بعدي) كذا لأبي ذر بصيغة الخبر وللباقين لا ترجعوا بصيغة النهي وهو المعروف (قوله كفارا) تقدم بيان المراد به في أوائل كتاب الديات وجملة الأقوال فيه ثمانية ثم وقفت على تاسع وهو ان المراد ستر الحق والكفر لغة الستر لان حق المسلم على المسلم ان ينصره ويعينه فلما قاتله كأنه غطى على حقه الثابت له عليه وعاشر وهو ان الفعل المذكور يفضي إلى الكفر لان من اعتاد الهجوم على كبار المعاصي جره شؤم ذلك إلى أشد منها فيخشى ان لا يختم له بخاتمة الاسلام ومنهم من جعله من لبس السلاح يقول كفر فوق درعه إذا لبس فوقها ثوبا وقال الداودي معناه لا تفعلوا بالمؤمنين ما تفعلون بالكفار ولا تفعلوا بهم ما لا يحل وأنتم ترونه حراما (قلت) وهو داخل في المعاني المتقدمة واستشكل بعض الشراح غالب هذه الأجوبة بأن راوي الخبر وهو أبو بكرة فهم خلاف ذلك والجواب ان فهمه ذلك انما يعرف من توقفه عن القتال واحتجاجه بهذا الحديث فيحتمل ان يكون توقفه بطريق الاحتياط لما يحتمله ظاهر اللفظ ولا يلزم ان يكون يعتقد حقيقة كفر من باشر ذلك ويؤيده أنه لم يمتنع من الصلاة خلفهم ولا امتثال أوامرهم ولا غير ذلك مما يدل على أنه يعتقد فيهم حقيقته والله المستعان (قوله يضرب بعضكم
(٢٢)