وقوله ثكلتك أمك ظاهره الدعاء وقد يرد مورد الزجر كما هنا وحاصل جواب ابن عمر له ان الضمير في قوله تعالى وقاتلوهم للكفار فأمر المؤمنين بقتال الكافرين حتى لا يبقى أحد يفتن عن دين الاسلام ويرتد إلى الكفر ووقع نحو هذا السؤال من نافع بن الأزرق وجماعة لعمران بن حصين فأجابهم بنحو جواب ابن عمر أخرجه بن ماجة وقد تقدم في سورة الأنفال من رواية زهير بن معاوية عن بيان بزيادة فقال بدل قوله وكان الدخول في دينهم فتنة فكان الرجل يفتن عن دينه اما يقتلونه واما يوثقونه حتى كثر الاسلام فلم نكن فتنة أي لم يبق فتنة أي من أحد من الكفار لاحد من المؤمنين ثم ذكر سؤاله عن علي وعثمان وجواب ابن عمر وقوله هنا وليس كقتالكم على الملك أي في طلب الملك يشير إلى ما وقع بين مروان ثم عبد الملك ابنه وبين ابن الزبير وما أشبه ذلك وكان رأي ابن عمر ترك القتال في الفتنة ولو ظهر ان إحدى الطائفتين محقة والاخرى مبطلة وقيل الفتنة مختصة بما إذا وقع القتال بسبب التغالب في طلب الملك وأما إذا علمت الباغية فلا تسمى فتنة وتجب مقاتلتها حتى ترجع إلى الطاعة وهذا قول الجمهور (قوله باب الفتنة التي تموج كموج البحر) كأنه يشير إلى ما أخرجه بن أبي شيبة من طريق عاصم بن ضمرة عن علي قال وضع الله في هذه الأمة خمس فتن فذكر الأربعة ثم فتنة تموج كموج البحر وهي التي يصبح الناس فيها كالبهائم أي لا عقول لهم ويؤيده حديث أبي موسى تذهب عقول أكثر ذلك الزمان وأخرج ابن أبي شيبة من وجه آخر عن حذيفة قال لا تضرك الفتنة ما عرفت دينك انما الفتنة إذا اشتبه عليك الحق والباطل (قوله وقال ابن عيينة) هو سفيان وقد وصله البخاري في التاريخ الصغير عن عبد الله بن محمد المسندي حدثنا سفيان بن عيينة (قوله عن خلف بن حوشب) بمهملة ثم معجمة ثم موحدة بوزن جعفر وخلف كان من أهل الكوفة روى عن جماعة من كبار التابعين وأدرك بعض الصحابة لكن لم أجد له رواية عن صحابي وكان عابدا وثقه العجلي وقال النسائي لا بأس به وأثنى عليه ابن عيينة والربيع بن أبي راشد وروى عنه أيضا شعبة وليس له في البخاري الا هذا الموضع (قوله كانوا يستحبون ان يتمثلوا بهذه الأبيات عند الفتن) أي عند نزولها (قوله قال امرؤ القيس) كذا وقع عند أبي ذر في نسخة والمحفوظ ان الأبيات المذكورة لعمرو بن معد يكرب الزبيدي كما جزم به أبو العباس المبرد في الكامل وكذا رويناه في كتاب الغرر من الاخبار لأبي بكر خمد بن خلف القاضي المعروف بوكيع قال حدثنا معدان بن علي حدثنا عمرو بن محمد الناقد حدثنا سفيان بن عيينة عن خلف بن حوشب قال قال عمرو بن معد يكرب وبذلك جزم السهيلي في الروض ووقع لنا موصولا من وجه آخر وفيه زيادة رويناه في فوائد الميمون بن حمزة المصري عن الطحاوي فيما زاده في السنن التي رواها عن المزني عن الشافعي فقال حدثنا المزني حدثنا الحميدي عن سفيان عن خلف بن حوشب قال قال عيسى بن مريم للحوار بين كما ترك لكم الملوك الحكمة فاتركوا لهم الدنيا وكان خلف يقول ينبغي للناس ان يتعلموا هذه الأبيات في الفتنة (قوله الحرب أول ما تكون فتية) بفتح الفاء وكسر المثناة وتشديد التحتانية أي شابة حكى ابن التين عن سيبويه الحرب مؤنثة وعن المبرد قد تذكر وأنشد له شاهدا قال وبعضهم يرفع أول وفتية لأنه مثل ومن نصب أول قال إنه الخبر ومنهم من قدره الحرب أول ما تكون أحوالها إذا كانت فتية ومنهم من أعرب أول حالا وقال غيره يجوز فيه أربعة أوجه
(٤٠)